
في خطوة سياسية بارزة شكّلت تحولًا في الموقف الرسمي الفلسطيني، وافقت منظمة التحرير الفلسطينية في الدورة التاسعة عشرة للمجلس الوطني الفلسطيني المنعقدة في الجزائر بتاريخ 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1988 على قراري مجلس الأمن الدولي رقم 242 (لعام 1967) و338 (لعام 1973)، وذلك ضمن "إعلان الاستقلال" الذي أعلن فيه قيام دولة فلسطين على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967.
خلفية القرارين
قرار مجلس الأمن رقم 242 (1967)
صدر هذا القرار بعد حرب حزيران/يونيو 1967، التي احتلت فيها إسرائيل الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء والجولان.
يدعو القرار إلى:
- انسحاب إسرائيل من الأراضي التي احتلتها في الحرب.
- احترام سيادة ووحدة أراضي جميع دول المنطقة.
- الاعتراف بحق كل دولة في العيش بسلام داخل حدود آمنة ومعترف بها.
* لم يلتزم الإحتلال الإسرائيلي بأي من البنود أعلاه
قرار مجلس الأمن رقم 338 (1973)
صدر عقب حرب تشرين/أكتوبر 1973، ونص على:
- وقف إطلاق النار فورًا.
- تطبيق القرار 242 بكل بنوده.
- بدء مفاوضات تهدف إلى تحقيق سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط.
الموقف الفلسطيني والتحول السياسي
قبل عام 1988، كانت منظمة التحرير الفلسطينية ترفض قراري 242 و338 لاعتبارهما يتجاهلان الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني ولا ينصّان صراحة على حق تقرير المصير أو العودة.
غير أن التحولات السياسية الإقليمية والدولية، خصوصًا بعد الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1982 وتشتت المقاومة الفلسطينية، دفعت المنظمة إلى تبنّي نهج دبلوماسي جديد يهدف إلى كسب الاعتراف الدولي بالدولة الفلسطينية.
وخلال اجتماع المجلس الوطني في الجزائر، أعلن ياسر عرفات موافقة منظمة التحرير على القرارين، مؤكدًا التزامها بالحل السياسي القائم على الشرعية الدولية، مع التشديد في الوقت ذاته على الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته المستقلة.
الأثر السياسي والدبلوماسي
أدّت هذه الخطوة إلى:
- فتح قنوات حوار رسمية بين منظمة التحرير الفلسطينية والولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة في التاريخ.
- اعتراف دولي واسع بمنظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني.
- تمهيد الطريق لمؤتمر مدريد للسلام عام 1991، ومن ثم لاتفاقية أوسلو عام 1993 التي أسست للسلطة الوطنية الفلسطينية.
- اعتراف 120 دولة حول العالم بالدولة الفلسطينية.
- تحول مكاتب المنظمة إلى سفارات وممثليات في دول العالم.
ورغم الجدل الداخلي، اعتُبرت الموافقة على القرارين نقطة انعطاف تاريخية في المسار الفلسطيني من الكفاح المسلح إلى الدبلوماسية الدولية.
من وجهة نظر فلسطينية
من وجهة النظر الفلسطينية، مثّلت موافقة منظمة التحرير الفلسطينية على قراري مجلس الأمن 242 و338 نقطة تحولٍ فاصلة بين مدرستين سياسيتين داخل الحركة الوطنية الفلسطينية.
فمن جهة، رأى مؤيدو القرار أن التحوّل نحو القبول بالشرعية الدولية خطوة ضرورية للخروج من العزلة السياسية، ولمنح القضية الفلسطينية اعترافًا أمميًا واسعًا بعد سنوات من الحصار والتجاهل.
أما المعارضون، فاعتبروا أن هذه الخطوة تنازل عن جوهر القضية الفلسطينية، إذ لم يتضمن القرار 242 أي إشارة صريحة إلى حق العودة أو إقامة دولة فلسطينية مستقلة، بل اقتصر على مبادئ عامة حول "الانسحاب" و"السلام".
ورغم الانقسام، فإن الإجماع اللاحق كان على أن الاعتراف بالقرارات الدولية لم يكن نهاية الكفاح، بل بداية مرحلة جديدة من النضال السياسي والدبلوماسي، تهدف إلى تثبيت الوجود الفلسطيني على الخريطة الدولية وتحويل الاعتراف المعنوي إلى سيادة فعلية على الأرض.
لقد فتحت هذه الخطوة الباب أمام إعلان الاستقلال الفلسطيني واعتراف أكثر من مئة دولة بدولة فلسطين، لتشكل واحدة من أبرز المحطات في تاريخ النضال الوطني الفلسطيني الحديث.
? المراجع والمصادر
الأمم المتحدة – نص قرار مجلس الأمن رقم 242 (1967)
الأمم المتحدة – نص قرار مجلس الأمن رقم 338 (1973)
منظمة التحرير الفلسطينية – إعلان الاستقلال، الجزائر 1988
الجزيرة نت – محطة الجزائر 1988: إعلان الدولة الفلسطينية والاعتراف بقرارات الشرعية الدولية
شاركنا برأيك