في 13 تموز 1948 أجبرت العصابات اليهودية، سكان مدينتي اللد والرملة، والقرى والبلدات المجاورة لهما البالغ عددهم نحو 70 ألفاً على الخروج من منازلهم، خلال نصف ساعة وسلوك طريق وعرة للوصول إلى رام الله، فقضى المئات في الطريق بسبب العطش والجفاف والتعب، إذ كانت رحلة الخروج شديدة القسوة والهول...
فقد مشى الفلسطينيون في طريق الموت في صف طويل، بينما كانت طائرة عسكرية صهيونية صغيرة تحلق فوق رؤوسهم على علو منخفض لإرغامهم على مواصلة الرحيل...
ويورد المؤرخ اليهودي بني موريس،على لسان ضابط المخابرات شماريا غوتمان: أعداد غفيرة من السكان يمشون الواحد تلو الآخر، النساء مثقلات بأحمال على رؤوسهن، والأمهات يجررن أطفالهن، وبين حين وآخر تُسمع أصوات طلقات تحذيرية، وبين حين وآخر تواجهك نظرة خارقة من أحد الشبان في الطابور، نظرة تقول:لم نستسلم بعد، سنعود لنقاتلكم...
أما جورج حبش، طالب الطب العائد من الجامعة الأميركية في بيروت ليكون مع عائلته في اللد، فيتذكر مشهد الأطفال المحتضرين، والمرضى، والمسنين يمشون تحت أشعة الشمس، لقد استنفد كل قوته وشجاعته كي يبقى حيّاً...
وفي عام 1952 قام الفنان الراحل اسماعيل شموط برسم لوحته الشهيرة "إلى أين؟"، والتي يعبر فيها عن اللجوء، ومما شاهده خلال تهجيره مع أهله من اللد، وكان في الثامنة عشرة من عمره، حيث أجبرهم الاحتلال على المسير في (طابور الموت) بدون معرفة إلى أين هم ذاهبون..كما توفي توفي شقيقه عطشا...
في إحدى مقابلاته الصحفية يقول جورج حبش: آسف يا محمود، لو كنت مررت بتجربة اللد، من يعيش الاحتلال وإذلاله وويلاته سيدرك هذه الحقائق، إنها غزوة تستهدفنا جميعا، أنا وأبنائي وأحفادي، وبالتالي عليّ أن أدافع عنهم، إننا في موقف دفاع مستمر إن الاحتلال يحول دون أي شكل من أشكال الحياة الطبيعية، ومتابعة أي مستوى من مستويات الحياة في الوطن المحتل، أو في المخيم الفلسطيني في الشتات، تبين عمق الكارثة وهولها، وضمن هذا السياق أسأل: هل ترك الإسرائيليون لأطفال قانا وسواهم حرية التطور الطبيعي؟
شاركنا برأيك