المجازر الإسرائيلية - جنين من الملحمة إلى المجزرة


جنين من الملحمة إلى المجزرة | فلسطيننا

 جنين من الملحمة إلى المجزرة 2/4 – 14/4/2002

" إنها تفوق الخيال والوصف" هكذا وصف مندوب الأمين العام للأمم المتحدة (تيري لارسن) بشاعة الجريمة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلية في جنين وخروجها عن كل ما هو مألوف لدى البشر.

بدأت عملية الاقتحام الفعلي لجنين، فجر يوم 2/4/2002، وحشد جيش الاحتلال أكثر من 20 ألفاً من قوات الاحتياط وأكثر من 400 دبابة وناقلة جنود ومجنزرة، بالإضافة إلى الدعم والقصف الجوى، واستخدام شتى أنواع المدفعية والصواريخ، كما هو معروف، وفي المقابل؛ اشتدت المقاومة، وتحولت إلى حرب ضروس تعرض خلالها لواء "جولاني"، الذي كان يقود عمليات الاقتحام، إلى خسائر فادحة أدت إلى اتخاذ رئيس الأركان الإسرائيلي (شاؤول موفاز)، قرارًا بعزل قائد اللواء العسكري المكلف بالمهمة (العقيد "يونيل ستريك")، وتعيين نائبه (المقدم ديدي) بدلا منه، وتجرع القائد الجديد مرارة الفشل؛ فقام شارون بتكليف رئيس الأركان نفسه، بقيادة العمليات العسكرية ضد المخيم، وهو أمر له دلالة كبيرة على مدى شراسة المقاومة، ومدى الصعوبة التي يواجهها الجيش والقيادة الصهيونية.

فقد أكدت المقاومة الفلسطينية بأنها لن تسمح باحتلال المخيم إلا فوق جثث أفرادها وأنها، لن تنسحب، رغم علمها بنية قوات الاحتلال باقتحام المخيم.

لقد عجز الجيش الإسرائيلي عن اقتحام المخيم لمدة ثمانية أيام كاملة، واضطر إلى تكثيف القصف الجوى، بالقنابل والصواريخ لتدمير المنازل ودفن السكان تحت الأنقاض؛ وسيلة للتغلب على المقاومة الباسلة، ورغم كل آلة الحرب والدمار، حول الفلسطينيون المخيم ساحة حرب حقيقية، وملعبًا للبطولة الفذة النادرة، وقاموا ببراعة ومهارة، بتحويل المخيم إلى مصنع كبير لإنتاج العبوات الناسفة في الأزقة والمنازل وساحات المخيم، وقام الجميع بزرع العبوات في كل زاوية، وعلى كل مدخل أو زقاق، ووصل الأمر إلى زرع العبوات المتفجرة على أعمدة الكهرباء وفى السيارات، وتلغيم بيوت كاملة يتوقع دخول الجنود الصهاينة إليها، مثل: بيت الشهيد محمود طوالبة الذي قتل فيه جنديان وجرح خمسة آخرون.

ووصف “بيار بابا رنسي“ – وهو صحفي فرنسي بجريدة لوماتينيه – ما حدث في جنين لوكالة أنباء "فرانس برس" قائلًا: قام جنود الاحتلال بحفر فجوة واسعة بوسط المخيم، يوم 14/4/2002، لدفن عدد غير هين من جثث الضحايا الفلسطينيين، وأضاف أن وسط المخيم بات يشبه برلين عام 1945 نظراً لحجم التدمير الفظيع .

وقال : شممت رائحة الجثث ، وشاهدت أكواماً من النفايات وحشرات وظروفاً صحية مريعة وأطفالاً متسخين ونساء يصرخن وهن يحملن أطفالهن ، ونقصاً في مياه الشرب ، وانقطاعاً للأغذية والحليب الضروري للأطفال، وأضاف: أنه رأى في مبنيين مختلفين جثث محترقة بالكامل، وجثتين تحت الركام والأنقاض، وأنه تم العثور على 14 جثة تحت أنقاض أحد المنازل.