نشأة مصطلح الصهيونية لم تكن بريئة أو دينية كما يُروّج له، بل جاءت في سياقٍ استعماري أوروبي توسّعي هدفه السيطرة على المشرق العربي عبر توظيف الدين لخدمة المصالح السياسية.
ظهر مصطلح "الصهيونية" (Zionism) لأول مرة في أوروبا أواخر القرن التاسع عشر، وتحديدًا في عام 1890 على يد الكاتب النمساوي ناثان بيرنباوم (Nathan Birnbaum)، الذي استخدم الكلمة لوصف حركة تسعى إلى “العودة إلى صهيون” – أي إلى فلسطين – باعتبارها "الوطن التاريخي للشعب اليهودي".
اشتُقّ الاسم من كلمة "صهيون" (Zion)، وهي تلة في القدس ورد ذكرها في العهد القديم، استخدمها اليهود رمزيًا للإشارة إلى أرض الميعاد.
لكن سرعان ما تحوّل المصطلح من رمزٍ ديني إلى مشروع سياسي استعماري منظم بعد تبنّيه من قبل تيودور هرتزل في مؤلفه الشهير "دولة اليهود" (Der Judenstaat) الصادر عام 1896.
التحول من الفكرة للمشروع
لكنّ هرتزل وغيره لم يروا في فلسطين “أرضًا مقدسة” فحسب، بل موقعًا استراتيجيًا يخدم مصالح أوروبا الاستعمارية في الشرق الأوسط.
فمنذ البداية، ارتبطت الصهيونية بالمصالح الغربية:
- دعم بريطاني واضح للمشروع منذ وعد بلفور (02 / 11 / 1917).
- استغلال الدين لتبرير السيطرة على أرضٍ عربية مأهولة بشعبها.
- تصوير فلسطين كأرضٍ بلا شعب، لتبرير طرد الفلسطينيين وتشريدهم لاحقًا.
وهكذا تحوّل مصطلح “الصهيونية” إلى واجهة فكرية لمخطط استعماري هدفه اقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه وتهويد فلسطين بالكامل.
تمثل الصهيونية أيديولوجيا استعمارية عنصرية، لا تختلف في جوهرها عن الحركات الاستعمارية الأوروبية الأخرى.
فهي لم تقم على مبدأ التحرر الذاتي، بل على نفي وجود الآخر، وتجريد الفلسطينيين من أرضهم وتاريخهم وهويتهم.
تحت شعار “العودة إلى صهيون”، بدأت عملية الاقتلاع المنهجي للشعب الفلسطيني التي توّجت بـ النكبة عام 1948، حين أُقيم الكيان الإسرائيلي على أنقاض أكثر من 500 قرية ومدينة فلسطينية.

التعليقات - 1