المقالات - حمزة يونس.. الرجل الذي هرب 3 مرات من سجون الاحتلال


حمزة يونس.. الرجل الذي هرب 3 مرات من سجون الاحتلال | فلسطيننا

بالنظر لقوة التحصينات الأمنية لسجون الإحتلال، فإن فكره الهرب تكاد تكون مستحيله، خاصه وأن الإختفاء خارج السجن لا يقل صعوبه، إلا إن الأسير حمزة يونس تمكن من الهرب لثلاث مرات.


من هو حمزة يونس

هو بطل ملاكمة سابق، وعميد في قوات العاصفة التابعة لحركة فتح، ولد في قرية عارة جنوب حيفا، تدرب على الملاكمة، فحصل على بطولة الناشئين عام 1962.


حمزة يونس - الهروب الأول.. من الباب مباشرة

المكان: سجن عسقلان (جنوب غربي فلسطين)

الزمان: الأول من أبريل/نيسان 1964

كان حمزة يونس حينها شابا أتمّ 22 عاما، واعتقل مع ابن عمه مكرم يونس والشاب حافظ مصالحة من قرية دبورية، ووجهت إليهم 7 تهم؛ أبرزها التعاون مع المخابرات المصرية. ويقول يونس "كنا في أبريل/نيسان، وقال لي القاضي مستهزئا "سأرى كم نيسان سيمر عليك داخل السجن"، فأجبته "إن شاء الله ولا نيسان"، وفعلا هربت بعد 17 يوما فقط من اعتقالي.

توقع يونس أن يُسجن 15 عاما، فدخل السجن وهو يغني "يومين والثالث على فراق الحبايب"، وقال لمن حوله أنه سيخرج قريبا؛ إذ خطط وزملاؤه لمباغتة السجانين قبيل الساعة 8 مساء، التي يجري بعدها تبديل الورديات، وما إن أطلت الوردية المكونة من 3 سجانين نحو باب غرفة السجن حتى دفع يونس الباب بقوة وخرج راكضا، بعد أن تعارك مع السجانين المسلحين وجرح 6 منهم.

"كان عنصر المفاجأة الأهم في هذه الخطة، لم يتخيلوا أن أحدا سيهرب، حتى أنني أثناء هربي صرخت على أحد السجانين، وركضت نحوه ففر هاربا مني". يقول يونس ذلك مفتخرا، ويضيف أنه نجح برفقة مكرم وحافظ في الركض خارج أسوار السجن، وسط إطلاق نيران مكثف، ومشوا في العتمة نحو قطاع غزة حتى وصلوا في الساعة 12 منتصف الليل.

ويتابع "لجأنا إلى طريق غير معبدة بين البحر والشاطئ الرئيسي حتى نسبح في البحر في حال أدركونا على اليابسة، وكانت غزة آنذاك تحت الإدارة المصرية، ولم يصدقوا أن 3 أسرى عُزّل استطاعوا الهروب من أكثر السجون تحصينا".


حمزة يونس - الهروب الثاني.. نجح رغم تعطّل قدميه

المكان: المستشفى الإنجليزي (غزة)

التاريخ: يونيو/حزيران 1967

هذه المرة كانت أغرب، فبعد 3 سنوات من الهروب الأول، أصيب يونس في رجليه خلال مقاومته احتلال غزة، وقُبض عليه أثناء تداويه في المستشفى، وكان يرقد في غرفة تحوي 30 مريضا من دون أسرّة، ولا يستطيع المشي أو قضاء الحاجة، فخففت الحراسة حوله، واستغل ذلك ليهرب.

تردد لزيارته أصدقاؤه الرياضيون صالح وكايد الغول وشكري الخالدي وزياد الشوبكي، وخططوا لاحقا لإخراج يونس من المستشفى، وكان لهم ذلك، حيث تلقفوه من نافذة غرفته في الطابق الثاني، وأخرجوه من باب خلفي، بعد أن تدبروا أمر الحارس العربي، ثم توجهوا بيونس نحو مخيم الشاطئ، ومنه إلى بيّارات قرب جباليا، وهناك اختبأ وتدرب على المشي شهرا كاملا. بعدها حصل على بطاقة هوية مزيفة باسم عارف سالم من طولكرم، واستطاع الخروج إلى الأردن، التي أكمل علاجه فيها، ومنها إلى مصر حيث عمل في الإذاعة، واستقر في النهاية بلبنان.


حمزة يونس - الهروب الثالث.. رهان الحذاء

المكان: سجن الرملة (شمال غربي القدس)

الزمان: أواخر 1971


نعم، لقد هرب مرة ثالثة، وكتب بعدها بطولته في رواية أسماها "الهروب من سجن الرملة". هذه المرة انضم إلى مجموعات الفدائيين الفلسطينيين في لبنان، واعتقله الاحتلال الإسرائيلي مع 4 من زملائه من زورق في عرض البحر، ونقلوه إلى سجن الرملة، وحكم بالسجن 7 مؤبدات (المؤبد 99 عاما)، "قالوا لي ستموت ولن ترى الشمس، تشاجرت حينها مع مدير السجن في قاعة الطعام أمام الأسرى، وقال لي بالحرف "الله لن يخرجك من السجن إلا بموافقتي"، فصرخت فيه متحديا "سأخرج خلال عامين رغما عنك"، قال لي متهكما "أنت مجنون".

لم يكن مجنونا، واستطاع التحرر بعد عامين فعلا، بمساعدة أصدقائه في السجن الذين كانت تربطهم علاقة جيدة مع بعض السجانين. ووفق خطة مدروسة تراهن يونس وسجّان جشع على أمر مقابل حذاء، وكسب الأخير الرهان، فأهداه يونس حذاء مقاس 44، وأرسله إلى بيته بمساعدة من خارج السجن، لكنه لم يكن حذاء عاديا، فعندما ارتداه السجان وأقبل على غرفة يونس وأصدقائه، سكب أحدهم (عمر السيلاوي) القهوة عليه متعمدا، وعرض أن يغسل الحذاء متأسفا نادما، وأثناء عملية الغسل استخرج مناشير فولاذية وُضعت فيه عن قصد.

هذه المناشير استخدمها يونس ومن معه في قص قضبان النافذة الحديدية، ومن ثم الهرب عبرها، وما تبع ذلك من لحظات مصيرية وارتفاع في الأدرينالين، بعد تفعيل جهاز الإنذار وإطلاق النار، لكنهم نجحوا في تسلق الجدار الذي كانت تشغله سقالات صيانة، وركضوا تحت المطر وعلى الطين، وخبأهم الضباب الذي أحاط بهم عن أعين جنود الاحتلال وكلابه.


الإعتقال في السعودية

رحلته مع الاعتقال لم تتوقف عند سجون الاحتلال، فخلال حرب الخليج الأولى عام 1980 اعتقلته السعودية وهو ورفيقه عفيف جهاد وحكمت عليهما بالإعدام بتهمة إطلاق النار على باصٍ لجنود أميركيين في جدة، قبل أن تتدخل قيادة منظمة التحرير لتخفيض الحكم إلى 7 سنوات، وما أن لبثا في السجن عامين ونصف حتى خرجا بعفوٍ ملكي.

ينظر حمزة إلى حال الأسرى الفلسطينيين اليوم بشيءٍ من الأسى، إذ يرى بأن التضامن معهم شبه معدوم مقارنةً بالماضي، حيث يقول "كانت فصائل المقاومة في الماضي تنفذ عملياتٍ خاصة لدعم الأسرى والانتقام من هجمية الاحتلال بحقهم"، مؤكدًا أنهم مسؤولية الشعب الفلسطيني بأكمله، "فلا يعقل أن نبخل عليهم بوقفةٍ أو اعتصامٍ أو تضحية"، على حد قوله.