وَعْدُ بَلفُور أو إعلان بَلفُور هو بيانٌ علنيّ أصدرته الحكومة البريطانيّة خلال الحرب العالمية الأولى لإعلان دعم تأسيس «وطن قوميّ للشعب اليهوديّ» في فلسطين، التي كانت منطقة عثمانية ذات أقليّة يهوديّة (حوالي 3-5% من إجماليّ السكان). ونصها (مترجماً إلى العربيّة):
«تنظر حكومة صاحب الجلالة بعين العطف إلى إقامة وطن قوميّ للشعب اليهوديّ في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي بلد آخر.»
في الثاني من تشرين الثاني 1917 صدر وعد بلفور المشؤوم، الذي منحت بموجبه بريطانيا حقًا لليهود في تأسيس وطن قومي لهم في فلسطين، بناءً على المقولة المزيفة "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".
وكان هذا الوعد بمثابة الخطوة الفعلية الأولى للغرب على طريق إقامة كيان لليهود على أرض فلسطين استجابة لرغبات الصهيونية العالمية على حساب شعب أصيل متجذر في هذه الأرض منذ آلاف السنين.
وجاء وعد بلفور على شكل تصريح موجه من قبل وزير خارجية بريطانيا آنذاك (آرثر جيمس بلفور) في حكومة ديفيد لويد جورج في الثاني من تشرين الثاني من عام 1917م إلى اللورد روتشيلد (أحد زعماء الحركة الصهيونية العالمية) وذلك بعد مفاوضات استمرت ثلاث سنوات دارت بين الحكومة البريطانية من جهة، واليهود البريطانيين والمنظمة الصهيونية العالمية من جهة أخرى؛ واستطاع من خلالها الصهاينة إقناع بريطانيا بقدرتهم على تحقيق أهداف بريطانيا، والحفاظ على مصالحها في المنطقة، وهذا ترجمة نصّه:
وزارة الخارجية
2 نوفمبر 1917م
عزيزي اللورد روتشيلد
يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة صاحب الجلالة التصريح التالي، الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود والصهيونية، وقد عرض على الوزارة وأقرته:
إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، على أن يكون مفهوماً بشكل واضح أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين، ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى.
وسأكون ممتناً إذا ما أحطتم اتحاد الهيئات الصهيونية علماً بهذا التصريح.
المخلص
آرثر بلفور
لم تكن هذه الرسالة طفرة أو فكرة وليدة اللحظة خطّها بلفور ووقعها وأرسلها كوعد دبلوماسي، بل هي نتيجة سنوات من الاجتماعات بين المنظمة الصهيونية ورجال أعمال يهود مؤثرين في الدولة البريطانية، وممثلين عن الحكومتين الفرنسية والبريطانية.
وهكذا تمت الخطة لوضع صيغة ما عرف بـ"وعد بلفور"، ووقعت عليه الحكومة البريطانية، وكان هدفها الأساسي استقطاب يهود ألمانيا لينضموا إلى يهود بريطانيا لمساعدة الإنجليز.
في عام 1918 قررت الحكومة البريطانية إرسال وفد إلى فلسطين ضم حاييم وايزمان قائد القوات البريطانية في فلسطين من أجل دراسة مدى إمكانية تطبيق وعد بلفور.
وعرضت الحكومة البريطانية في السنة ذاتها نص تصريح بلفور على الرئيس الأميركي الأسبق وودرو ولسون، ووافق على محتواه قبل نشره، وأقرته كل من فرنسا وإيطاليا رسميا.
من الجدير بالذكر أن وايزمان كان رئيسا للمنظمة الصهيونية العالمية منذ عام 1920 حتى عام 1946، وتم انتخابه أول رئيس لدولة إسرائيل عام 1949 كما يعد أشهر الشخصيات الصهيونية بعد هرتزل.
التهويد والنكبة
وعند صدور وعد بلفور لم يكن في فلسطين من اليهود سوى 50 ألفًا من أصل 12 مليون يهودي حول العالم، بحسب وكالة "وفا" الفلسطينية.
وبشهر أبريل/ نيسان 1920 اجتمع مندوبو كل من فرنسا وبريطانيا في سان ريمو الإيطالية فيما عرف بـ"مؤتمر سان ريمو"، اتفقا خلاله الطرفان على "منح" فلسطين لبريطانيا، حيث عين في العام نفسه أول حاكم بريطاني على فلسطين.
خلالها، سهل البريطانيون الهجرة اليهودية من كافة دول العالم كما غضوا الطرف عن تسليح وتدريب العصابات الصهيونية مثل الهاغانا وشتيرن، رغم قيامها بأعمال عدوانية ضد الإنكليز أنفسهم.
هذه الفترة، شهدت أيضًا ثورات من الفلسطينيين مثل ثورة البراق عام 1929، والثورة الكبرى عام 1936.
وبعد انتهاء الانتداب البريطاني وخروج القوات البريطانية من فلسطين عام 1948، أعلن "قيام دولة الإحتلال. " وارتُكبت المجازر بحق الفلسطينيين وهجروا من أراضيهم قسرًا لتكون "نكبة 1948".
وعد بلفور والقانون الدولي
يتعارض مع أحد أهم مبادئ القانون الدولي، ألا وهو مبدأ حق تقرير المصير الذي طالما نادى به الحلفاء وادعوا أنهم منحازون إليه وساعون إلى تطبيقه في كل مكان؛ ولكن الوعد الذي أصدره وزير خارجية بريطانيا (أحد أركان تحالف الحلفاء في الحرب العالمية) تنكر لحقوق الشعب الفلسطيني الحق به ظلمًا تاريخيًا لا نزال نعيش تداعياته حتى يومنا هذا.
بريطانيا اليوم
واليوم، لا تزال بريطانيا ترفض حتى الآن الاعتذار عن وعد بلفور، وتعترف رسميًا بإسرائيل منذ 13 مايو/ أيار 1949.
أن الأجيال الفلسطينية المتعاقبة لن تغفر لمن ارتكب هذه الجريمة المستمرة التي كانت الأساس في تشريد الشعب الفلسطيني من وطنه ومعاناته في مخيمات اللجوء والشتات، وستبقى متمسكةً بحقوقها غير القابلة للتصرف في الحرية والاستقلال والعودة.
التعليقات - 5