المقالات - أطفال غزة بين الحياة والموت: نتائج سياسة التجويع الإسرائيلية


أطفال غزة بين الحياة والموت: نتائج سياسة التجويع الإسرائيلية | فلسطيننا

في خضم حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، لم يتردد في استخدام أبشع الأساليب الوحشية. إحدى هذه السياسات القاسية هي التجويع، والتي تستخدم كجزء من حربه الشاملة ضد سكان القطاع، ما أدى إلى وفاة العديد من المدنيين والمرضى نتيجة الجوع ونقص الغذاء.



تفاصيل استخدام التجويع بعد 7 أكتوبر 2023

تشديد الحصار ومنع دخول المساعدات

 منذ بداية الحرب، منع الاحتلال الإسرائيلي دخول شاحنات المساعدات. حيث إنه بعد مرور أسبوعين من بدء العدوان، لم يسمح بدخول سوى عشرين شاحنة من أصل 500 شاحنة كانت تدخل القطاع يومياً.

حتى يومنا هذا، وبعد مرور 9 أشهر على العدوان، لا يزال الاحتلال يسمح لعدد قليل من الشاحنات بالدخول إلى القطاع، وحتى تلك الشاحنات لا تصل إلى جميع مناطق القطاع. يؤدي ذلك إلى المجاعة والعطش ونقص الأدوية وغيرها من المستلزمات الضرورية. في كثير من الأحيان، يفسد الطعام في الشاحنات بسبب حجز الاحتلال وتأخير توصيلها.

الأوضاع الإنسانية المأساوية.

 وفق الأمم المتحدة، يهدد الجوع معظم سكان القطاع المحاصر والمدمر، والبالغ عددهم 2.4 مليون نسمة. نتيجة للحرب والدمار، نزح معظم السكان نحو الجنوب، بينما تقول وكالات الإغاثة إن نحو 300 ألف ممن بقوا في شمال غزة هم الأكثر معاناة من الجوع ونقص الماء وسوء التغذية، ويصعب الوصول إليهم.


تصريحات المنظمات الدولية.

 تعتبر الأوضاع في غزة كارثية، حسبما صرحت المتحدثة باسم منظمة أوكسفام، فطومة شيدا. أشارت إلى أن الوضع في غزة خطير بالنسبة لـ90% من المدنيين الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي، لافتة إلى أن استهداف قوافل المساعدات الإنسانية هو نمط إسرائيلي مستمر، وآخرها مجزرة الطحين في شارع الرشيد. كما نبهت إلى وفاة 16 طفلاً بسبب الجوع ومعاناة 300 ألف طفل من سوء التغذية الحاد، قبل أن تختتم حديثها بالقول إن الوضع كارثي، وإن وقف إطلاق النار أمر ملح لاحتواء نذر المجاعة.


الوضع الكارثي في شمال غزة

تجويع شمال غزة عمدًا.

الوضع في شمال غزة يعتبر مميتًا بسبب الحصار ومنع كافة أنواع المساعدات. أجبر الناس على صنع الخبز من طعام وأعلاف الحيوانات بدلاً من الطحين، وفي بعض الأحيان اضطروا لأكل لحوم الحمير للبقاء على قيد الحياة.


الجرائم ضد المدنيين الجائعين

قصف المدنيين أثناء إنتظار المساعدات

  • بتاريخ 04/03/2024 قصفت قوات الاحتلال الصهيوني مجموعة من المواطنين الفلسطينيين أثناء انتظارهم وصول شاحنات تحمل المساعدات الإنسانية على دوار النابلسي قرب شارع الرشيد شمال غرب قطاع غزة، مما أدى إلى مقتل أكثر من 100 شخص وإصابة ما يزيد عن 760 آخرين.
  • بتاريخ 23/03/2024 قام أفراد جيش الاحتلال -إضافة إلى الدبابات- بإطلاق نيران أسلحتهم الرشاشة تجاه "الجوعى" الذين كانوا ينتظرون أكياس الطحين والمساعدات في دوار الكويت، حيث كان مكانًا بعيدًا لا يشكل خطورة على الاحتلال. وصف الوزير الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير الجنود الإسرائيليين الذين أطلقوا النار على المدنيين في غزة بـ "الأبطال" ودعا إلى وقف المساعدات.


إسقاط طعام مزيف

أسقطت الطائرات الإسرائيلية علب طعام مزيفة على الشعب الجائع في غزة، وعندما فتحها الناس على أمل تخفيف جوعهم وتناول بعض الطعام، تحولت آمالهم إلى عذاب. وبدلاً من الطعام، فإن ما أسقطته إسرائيل كان عبارة عن متفجرات مخبأة على شكل علب طعام، تسببت في مقتل وإصابة مدنيين أبرياء، بمن فيهم الأطفال، الذين كانوا يأملون فقط في الحصول على بعض الطعام.

إحصائيات رسمية عن الضحايا

حتى الآن، لا توجد إحصائيات رسمية دقيقة عن عدد الأشخاص الذين توفوا بسبب المجاعة في غزة. ومع ذلك، لأن معظم فارقوا الحياه في المنازل لعدم توفر إمكانية ذهابهم للمشافي، ولكن من إستطاعوا الوصول للمشافي وفارقوا الحياه بسبب سوء التغذيه بلغ عددهم 37 طفلا حتى تاريخ 01/06/2024

شهادات من غزة

في 19 مارس/آذار، زار كبير مسؤولي أوتشا في الأراضي الفلسطينية المحتلة أندريا دي دومينيكو مستشفى كمال عدوان، حيث قال إن حوالي 15 طفلا يعانون من سوء التغذية يصلون إلى المستشفى يوميا بسبب نقص الغذاء، والمياه، والصرف الصحي المناسب. وصف الأوضاع المزرية في المستشفى، مشيرا إلى الأضرار التي لحقت ببعض الأجزاء واعتماده على مولد كهربائي واحد.

من الحالات التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش:

  • قال رجل من بيت لاهيا إن ابنه الرضيع، عبد العزيز، توفي بعد ساعات قليلة من ولادته من أمه التي تعاني من سوء التغذية الحاد في مستشفى كمال عدوان في 24 فبراير/شباط. أطلع هيومن رايتس ووتش على شهادة وفاة عبد العزيز، التي تنص على أن عبد العزيز ولد قبل أوانه. قال والده إن العاملين في المستشفى وضعوا عبد العزيز على جهاز التنفس الاصطناعي لأن كان لديه صعوبة في التنفس، لكن الجهاز توقف عن العمل بعد نفاد الوقود اللازم في المستشفى بعد ساعات قليلة. أضاف: "توفي عبد العزيز فورا". كما عبّر عن قلقه بشأن زوجته، التي كانت تعيش على البقوليات والأغذية المعلبة، مشددا على معاناتهم المستمرة للحصول على التغذية الكافية.
  • قال والد توأمتين حديثتي الولادة إن إحدى طفلتيه، جود، توفيت في مستشفى كمال عدوان في 2 مارس/آذار بعد معاناتها من سوء التغذية، بعد ثمانية أيام من ولادتها. قال إنه كان يكافح لإطعام أسرته قبل ولادة البنتين، لكن لم يكن لديهم سوى الخبز ليأكلوه، دون لحم أو بروتين. قال إنه بعد ولادة التوأمين، لم تتمكن زوجته من إنتاج الحليب لإرضاع البنتين، وكان الحليب الذي يشتريه من المتجر نادرا. وصف تدهور حالة جود، قائلا إن "أطرافها أصبحت باردة جدا، وكانت تتنفس ببطء شديد". رافقت حماته جود إلى المستشفى حيث توفيت لاحقا. عبّر الأب عن قلقه على صحة التوأم التي بقيت على قيد الحياة.
  • فادي، طفل عمره 6 سنوات من حي النصر في مدينة غزة، لديه تليف كيسي، وهو اضطراب وراثي يسبب تلف الرئتين. قالت والدة فادي إنها، بسبب الحصار الإسرائيلي، كانت تعاني للحصول على الأدوية اللازمة وتوفير التغذية الكافية. بحلول منتصف يناير/كانون الثاني، تدهورت صحة فادي إلى درجة أنه لم يعد قادرا على المشي، ما جعل من الضروري دخوله المستشفى. قالت: "كان فادي يزن 30 كيلوغرام قبل الحرب، أما الآن فيبلغ 12 كيلوغرام".  تم إجلاء فادي من مستشفى كمال عدوان في 23 مارس/آذار، ويتلقى العلاج في أحد مستشفيات القاهرة، حسبما قال أحد أقاربه في 28 مارس/آذار.

  • وسام حماد، عم محمد البالغ من العمر 5 سنوات، الذي لديه شلل دماغي وحساسية على اللاكتوز والغلوتين ولا يستطيع تناول سوى الأطعمة المهروسة، واجه صعوبات كبيرة في تأمين الطعام له:
  • يجب أن يكون معظم طعامه من الفواكه والخضروات، وهو ما أحاول شراءه. لكن كل ما أستطيع أن أجده وأتحمل ثمنه هو البرتقال. المشكلة هي أنه لا يستطيع المضغ، لذلك نحتاج إلى تفتيت الطعام له. كل شيء مكلف جدا.

  • قال طبيب الأطفال أحمد شاهين إنه قبل أن يتمكن من مغادرة غزة في 16 نوفمبر/تشرين الثاني، فقد عثمان، ابنه البالغ من العمر 14 عاما المصاب بالشلل الدماغي، والذي يستخدم أنبوب تغذية المعدة، سبعة كيلوغرام منذ بداية الأعمال القتالية لأنهم لم يتمكنوا من الحصول على الغذاء المحدد الذي يحتاج إليه، مثل الخضروات، والكهرباء لهرس طعامه.


خاتمة

إن سياسة التجويع التي تتبعها إسرائيل في قطاع غزة تعد جريمة إنسانية تتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً. الضغط الدولي المستمر يمكن أن يساهم في إنهاء هذه الممارسات غير الإنسانية وتقديم الدعم اللازم لسكان غزة لتخفيف معاناتهم وضمان حصولهم على احتياجاتهم الأساسية.


فيديو يظهر الاحتجاجات التي يقوم بها المستوطنون الإسرائيليون لمنع دخول المساعدات إلى غزة.