هل سمعت مسبقا بمصطلح DARVO، إذا كنت لم تسمع به، نرجوا منك متابعة هذا المقال، حيث سيتم توضيح ذلك بأمثلة عملية.
مصطلح DARVO هو إختصار
Deny, Attack, and Reverse Victim and Offender
وبالترتيب معناهم، إنكار، هجوم، وقلب دور الضحية والجاني، حيث يقوم الجاني بتحويل المسؤولية على المجني عليه، فهي شكل من أشكال التلاعب لتشوية سمعة وإلقاء اللوم على المجني عليه.
لن نطيل كثيرا بتفسير المعنى، لذلك دعونا ننتقل لأمثلة عملية.
قصف مشفى المعمداني
في السابع عشر من أكتوبر 2023، ارتكبت إسرائيل واحدة من أبشع المجازر في غزة، حيث قصفت المستشفى الأهلي المعمداني بلا رحمة. قُتل 500 فلسطيني، معظمهم من الأطفال، وكانت الإصابات مروعة. وكان من الواضح أن مرتكب الجريمة هي إسرائيل، ولكن بما أن الصهاينة ماهرون في التلاعب، فقد استخدموا تكتيك DRAVO لتجنب المسؤولية والحفاظ على صورتهم المتساقطة.
منذ اللحظة الأولى على الإعتداء، خرج الناشط الإسرائيلي حنانيا نفتالي بتغريده على حسابه بتويتر، معلنا إستهداف الإحتلال لمقاتلين من حماس داخل مشفى المعمداني.
هذه التغريده حذفها نفتالي بعد وقت قصير.
ثم سارع نفس الناشط ( حنانيا نفتالي )، الذي يعد بمثابة المتحدث الرسمي بإسم الجيش الإسرائيلي، لنشر عدة منشورات لتحريف الرواية.
في هذه الكذبه، شاركت حسابات تتبنى البروباغندا الإسرائيلية، وكان من بينهم إيدي كوهين حيث نشر فيديو مرفق بتعليق يدعي من خلاله أن قصف المشفى جاء نتيجة صاروخ فاشل أطلقه الجهاد الإسلامي. بعد التحقق من الفيديو تبين أن الفيديو يعود إلى 6/8/2022.
على نفس المنوال الكاذب، نشر المتحدث بإسم جيش الإحتلال " أفخاي أدرعي "، لكن عن أي تحليل يتحدث أدرعي، حيث أن الصفحة الرسمية لإسرائيل على تويتر، شاركت المعلومه نفسها مع إضافه فيديوهات إستند عليها تحليل الجيش الإسرائيلي.
لكن الفيديو يظهر مشاهد تؤكد زيف رواية الإحتلال، إذ تظهر مشاهد القصف المعروضه بالفيديو أن القصف كان بالساعه الثامنه بتوقيت غزة، بينما قصف المعمداني كان بالساعه 7:20 دقيقه.
تداركت الصفحه الكذبه، وحذفت الفيديو مع الإبقاء على المنشور.
مزاعم الإغتصاب.
زعم مسؤول إسرائيلي تعرض نساء للإغتصاب خلال هجوم حماس على مستوطنات غلاف غزة خلال معركة طوفان الأقصى، ثم سرعان ما تداولت العديد من وسائل الإعلام الغربيه وبالأخص ( الأمريكية والبريطانية )، هذا الخبر.
على سبيل المثال جريدة لوس أنجلوس تايمز، قامت بتعديل إحدى مقالاتها حول الموضوع وحذف العبارات التي تشير للإغتصاب،
تبين في وقت لاحق أن هذه المزاعم مضلله، ونسبت هذه الأخبار لشخص مجهول، وأنه لا يوجد إثبات على ذلك.
ذبح الأطفال
إذاعت صحفية إسرائيلية من قناة 24 نيوز العبرية، نقلا عن مصادر لم تسمها، بقيام كتائب القسام بذبح 40 طفلا، وقطع رؤوسهم، العديد من الصحف الغربيه نشرت الخبر على صفحتها الأولى، بما في ذلك صحيفة ذا تايمز اللندنيه وكذلك نيويورك بوست الأمريكية.
وكالة الأناضول وهي وكالة أنباء رسمية تواصلت مع المتحدث بإسم الجيش الإسرائيلي، مستفسرة عن هذه المزاعم، فرد بالقول " لقد إطلعنا على هذه الأخبار وليس لدينا أي تفصيل حول ذلك"، مع العلم أن جيش الإحتلال الإسرائيلي بمعية الإسعاف، هو من يتعامل بشكل مباشر مع جثث القتلى.
حرق طفل
نشر الناطقين الرسميين للإحتلال صور تدعي أنها لأطفال تم إحراقهم وقطع رؤوسهم، وسرعان ما تناقلتها وسائل إعلام أجنبيه
إلا إنه كما يتبين بالصوره، أنه تم إنشاؤها بإستخدام الذكاء الصناعي، بالجانب الأيمن من الصوره هي الصورة الحقيقيه، وعلى اليسار الصوره التي إستخدمها الإحتلال.
إستهداف المدارس
نشرت قناة إن بي سي نيوز الأمريكية تقريرا إدعت فيه حصولها على وثائق عثر عليها مع أحد شهداء مقاتلي القسام، حيث زعمت القناه أن المقاومين إستهدفوا مدارس بالعمد إذ كانت لديهم خطط ممنهجه ومنسقة لقتل وإحتجاز المدنيين وأطفال المدارس في مستوطنة كفار سعد.
منصة مسبار حققت في هذه الإدعاءات، ومن خلال الوثيقة لم تعثر على أي إشارات تشمل إستهداف الأماكن التي يتجمع بها الأطفال، أو أي تعليمات تنص على إختطافهم أو قتلهم. كما نوهت أن عملية طوفان الأقصى جرت يوم السبت، وهو أحد أيام عطلة نهاية الإسبوع الرسمية في إسرائيل، مما يعني أن المدارس والمراكز التعليمية تكون خالية من الأطفال.
قضية شارلي شوك
شارلي شوك هي فتاة ألمانية إسرائيلية أسرتها سرايا القدس، أظهر مقطع فيديو للفتاه وهي مستلقية على بطنها في خلفية سيارة رفقه عدد من أسروها، في المقطع تبدو كأنها عاريه، سرعان ما راجت مزاعم تفيد بإغتصابها، وفيما قالت مصادر أخرى أنها ذبحت على يد المقاومة الفلسطينية.
لاحقا تبين أن شاني لوك لا تزال على قيد الحياة، حيث أكدت والدتها في حوال مع التلفزيون الألماني أنها تلقت معلومات من مصادر فلسطينية داخل القطاع أن إبنتها على قيد الحياة.
إعدام المدنيين
نشر جونيور إبن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على حسابة في منصة X تغريده تحتوي على صوره لعدد من المدنيين الغارقين في برك دم وعلق عليه بالقول " لا يجب التفاوض مع هؤولاء، هناك طريقة واحدة للتعامل معهم"، ملمحا لخيار الإبادة الجماعية.
سرعان ما تبين أن المقطع قديم أصلا وليس في إسرائيل ولا في فلسطين ولا علاقه له بالقضيه الفلسطينية، ومع أن منصة X وضعت تحذيرا على التغريدة وشرحت سياق الفيديو وتاريخه، إلا أن جونيور لم يمسح التغريده ، وحصل على 4 ملايين مشاهدة في أقل من 12 ساعة.
أسر طفلة
نشر المحامي الأمريكي الإسرائيلي مارك زيل مقطع فيديو على حساباته الرسمية في مواقع التواصل الإجتماعي صوره لشاب فلسطيني يمازح طفله صغيره وضحك معها وكتب على المقطع " بنت ضائعه"، وعلق عليها بالقول " إرهابيو حماس مع طفله يهودية مختطفة من غزة"، فيما أعاد السياسي الإسرائيلي أوفير جندلمان الذي كان في وقت ما متحدثا بإسم رئيس الوزراء الأسرائيلي التغريده وكتب " رضيعة إسرائيلية مخطوفة في غزة"، زاعما أن مقاتلي حماس ذبحوا والدتها.
منصة إيكاد تحققت من الفيديو ووجدت أن هذا المقطع نشر على منصة تيك توك في 8 ديسمبر 2023 أي قبل عملية طوفان الأقصى.
تفاعل زائف
تفاعل عدد من المشاهير الغربيين مع الأحداث بإستعمال صور ومقاطع فيديو مضللة وغير صحيحه، حيث نشرت الكاتبه الأمريكية جيمي لي كرتيس يوم الحادي عشر من شهر أكتوبر 2023 ( اليوم الخامس لمعركة طوفان الأقصى )، صوره على حسابها في إنستغرام تظهر طفله يحمل طفله أخرى أصغر منه وينظر للسماء فيما يفر أخرين، وكتبت عليها " رعب من السماء "، في إعتقاد منها أن الصوره لأطفال إسرائيليين، ثم سرعان ما حذفت المنشور بعدما عرفت أن الصوره تعود لأطفال من غزة.
مزاعم بايدن
كرر الرئيس بايدن إدعاء قطع المقاومة 40 رأس للأطفال، مع مرور الوقت تبين أن الخبر كاذب.
نشرت نيويورك بوست و واشنطن بوست في وقت لاحق مقالا مطولا شرحت فيه الغلط والجدل الكبير الذي حصل بعد تصريحات بايدن، وذكرت أن البيت الأبيض تراجع ضمنيا عن التصريحات.
الربط بداعش
حاولت إسرائيل ربط حركة حماس بتنظيم ( داعش )، حيث نشر أفخاي أدرعي صوره لراية العقاب زاعما أنه تم العثور عليها ضمن عتاد مقاتلي حماس الذين تسللو كيبوتس صوفا، ومثله فعلت حسابات إسرائيلية أخرى.
منصة مسبار تحققت من الأمر وأظهرت أن الراية نظيفة تماما وأطرافها لامعه، وهاذا مستحيل أن يكون بعد أن أجرى مقاتلي القسام مجموعة من الإشتباكات ضد المجندين الإسرائيليين،
مزاعم السلاح الكيميائي
ظهر الرئيس الإسرائيلي هرتسوغ في مقابله مع قناة سكاي نيوز الأمريكية للحديث عن عملية طوفان الأقصى، واستعرض أدلة تؤكد أن حماس حاولت إنتاج سلاح كيميائي، وأنهم وجدوا فلاش ( USB )، تحتوي على ملفات بصيغة PDF تعود لتنظيم داعش.
تعرضت هذه المزاعم لسخرية كبيرة من عشرات المحللين والمتابعين، خاصه الحديث عن حمل مقاتلي القسام للفلاش خلال إقتحام المستوطنات، وهو أمر غير واقعي ولا منطقي، ومن جهتها فحصت ميدل إيست الوثائق ووجدت أنها متاحة على شبكة الإنترنت، ولا تحتوي على أي تعليمات حول كيفية صنع الأسلحة الكيميائية.
من خلال الأمثلة السابقة، نرى كيف يستخدم الإحتلال الصهيوني مصطلح DARVO ولكن الأهم أن بعض محبي دولة الإحتلال لا يدركون حتى أنه يتم التلاعب بهم، ومنهم الإسرائيليين أنفسهم، ويصدق الكثير منهم دعاية حكومتهم دون تشكيك، بل ويعتقد بعضهم بعد قتل الإحتلال لما يقارب 40 ألف فلسطيني لشخص بريئ في غزه منهم 14 الف طفل.
ولعل أبرز الأدوات والماكينات الإعلامية والأجهزه المخابراتيه وعلى رأسها الوحدة 8200 لإستخدام هذا المصطلح، وذلك في محاولة لتشوية صور المقاومة الفلسطينية وربطها بالإرهاب.
شاركنا برأيك