المجازر الإسرائيلية - عصابات الهاجاناة والبالماخ الصهيونية ترتكب أول عملية تطهير عرقي في قرية قيسارية، قضاء حيفا


عصابات الهاجاناة والبالماخ الصهيونية ترتكب أول عملية تطهير عرقي في قرية قيسارية، قضاء حيفا | فلسطيننا

وقعت مجزرة قيسارية في 15 شباط/فبراير عام 1948، حين قامت العصابات الصهيونية المسلحة، وعلى رأسها وحدة من منظمة البلماح التابعة لـ"الهاغاناه"، بمهاجمة قرية قيسارية الفلسطينية الواقعة على الساحل الفلسطيني شمال مدينة يافا، والتي كان يبلغ عدد سكانها آنذاك نحو 1350 نسمة.


التهجير والقتل

اقتحمت وحدة من البلماح القرية وأمرت سكانها بمغادرتها فورًا. وعندما رفض بعض الأهالي الرحيل، أُعدموا بدمٍ بارد، ومن بينهم نساء وأطفال وقصّر، إضافة إلى نحو عشرين قرويًّا أصرّوا على البقاء في منازلهم حتى بعد احتلال القرية.

كانت هذه العملية أول نموذج لتهجير منظم ومخطط، هدفه إفراغ القرى الفلسطينية من سكانها العرب تمهيدًا لإقامة المستعمرات اليهودية.


تدمير القرية بالكامل

في 20 شباط/فبراير 1948، وبعد خمسة أيام فقط من المجزرة، أقدمت وحدة البلماح على تفجير منازل القرية فوق من فيها، تنفيذًا لقرار اتخذته هيئة الأركان العامة للهاغاناه في أوائل الشهر نفسه، يقضي بتدمير القرى العربية في الساحل الشمالي لفلسطين.

تم تدمير ثلاثين منزلًا بشكل كامل، بينما بقيت ستة منازل فقط قائمة بسبب نقص المتفجرات. وجاء ذلك في سياق خطة أوسع تهدف إلى تطهير الساحل الفلسطيني من سكانه العرب، ضمن ما عُرف لاحقًا بسياسة “التطهير العرقي” التي رافقت قيام دولة الاحتلال عام 1948.


إقامة المستعمرات الصهيونية

بعد تدمير قيسارية وتشريد أهلها، أقيمت على أنقاضها عام 1951 المستعمرة الإسرائيلية “أور عكيفا”، كما جرى ضمّ جزء من أراضيها إلى مستعمرة “سدوت يام” المجاورة، والتي أُنشئت عام 1940 على أراضي خربة أبو طنطورة الواقعة جنوب القرية.

بهذا، طُمست معالم القرية الأصلية تقريبًا بالكامل، ولم يتبقَّ منها سوى القليل من آثارها المعمارية القديمة التي تشهد على جريمة الاحتلال.


قيسارية ضمن سياسة التطهير العرقي

تُعتبر قيسارية أولى القرى الفلسطينية التي نُفّذت فيها عملية منظمة لطرد السكان العرب بالقوة، في انتهاك صارخ للقوانين الإنسانية والدولية.

وفي اليوم ذاته، نفذت العصابات الصهيونية عمليات مشابهة ضد أربع قرى فلسطينية أخرى في المنطقة الساحلية، وذلك بحضور جنود الانتداب البريطاني الذين وقفوا متفرجين دون أي تدخل.

هذه المجزرة كانت مقدمة لسلسلة طويلة من المجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونية عام 1948، والتي أدت في مجملها إلى تشريد أكثر من 750 ألف فلسطيني وتدمير مئات القرى والبلدات.


الذاكرة الفلسطينية

رغم مرور العقود، ما زال أهالي قيسارية الأصليون وذريّاتهم يحتفظون بمفاتيح بيوتهم ووثائق أراضيهم، ويروون قصص المجزرة جيلاً بعد جيل، لتظل قيسارية شاهدة على أولى فصول النكبة الفلسطينية وعلى بداية مشروع الإبادة والتطهير العرقي المنهجي الذي استهدف الوجود الفلسطيني على أرضه.