
في 1 نيسان / أبريل 2002، وأثناء ذروة انتفاضة الأقصى، شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية واسعة ضمن ما عُرف باسم “السور الواقي”، باجتياح مخيم جنين شمالي الضفة الغربية.
استمرت المعركة حتى 18 نيسان / أبريل 2002، لتصبح واحدة من أبرز محطات المقاومة الفلسطينية، إذ تحوّل المخيم إلى رمزٍ للبطولة والتحدي في مواجهة واحدة من أضخم العمليات العسكرية الإسرائيلية منذ عام 1967.
على مدى أكثر من أسبوعين، خاض المقاومون من مختلف الفصائل اشتباكات ضارية ضد جيشٍ يملك التفوق في العدد والعتاد، مستخدمين العبوات الناسفة والأسلحة الخفيفة في حرب شوارعٍ شديدة الكثافة.
أسفرت المعركة عن استشهاد نحو 60 فلسطينيًا، معظمهم من المقاتلين والمدنيين، ومقتل ما يزيد على 40 جنديًا إسرائيليًا، رغم محاولات الاحتلال التعتيم على خسائره الحقيقية.
دمّر الاحتلال أكثر من 455 منزلًا كليًا و800 منزلًا جزئيًا، وخلّف دمارًا واسعًا في بنية المخيم الذي لا تتجاوز مساحته نصف كيلومتر مربع.
لكن رغم ذلك، صمدت جنين، وخرجت من بين الركام نموذجًا أسطوريًا للمقاومة الفلسطينية، أثبت أن الإرادة تتفوق على السلاح، وأن النصر لا يُقاس بعدد الشهداء بل بثبات الموقف.
أبرز قادة معركة مخيم جنين
? الشيخ جمال عبد السلام أبو الهيجاء
قائد ميداني في كتائب القسام، وأحد أبرز قادة المعركة. بُترت يده خلال الاجتياحات السابقة، ومع ذلك قاد المقاتلين من مختلف الفصائل، وكان منزله مركزًا للمطاردين والمجاهدين. اعتُقل في 24 / 08 / 2002، وحُكم عليه بالسجن المؤبد تسع مرات.
? الشهيد زياد العامر
قائد ميداني في كتائب شهداء الأقصى، وأحد أوائل من تصدوا لاجتياح الاحتلال على أطراف المخيم. استُشهد في بدايات المعركة، تاركًا بصمة واضحة في زرع العبوات الناسفة وتنظيم الدفاعات.
? الشهيد يوسف ريحان “أبو جندل”
ضابط في قوات الأمن الوطني الفلسطيني، شارك في القتال حتى اللحظات الأخيرة، وأُعدم ميدانيًا بعد نفاد ذخيرته عقب أحد عشر يومًا من القتال المتواصل.
? الشهيد محمود أبو حلوة
قائد مجموعات كتائب القسام في المخيم، استُشهد في ذروة المعركة بعد قصفٍ جوي استهدفه ومجموعة من المقاومين.
? الشهيد الشيخ محمود طوالبة
قائد سرايا القدس، وأحد رموز الصمود في المعركة. امتلك خبرة واسعة في إعداد الاستشهاديين وزرع العبوات، واستُشهد أثناء مقاومته الاجتياح في أحياء المخيم.
? الشهيد الشيخ نصر جرار
أحد مؤسسي كتائب القسام في شمال الضفة الغربية. بُترت أطرافه في عمليات سابقة، لكنه رفض مغادرة الميدان، واستمر في القتال حتى استشهاده في 14 / 08 / 2002 بعد تدمير منزله.
? الأسير الحاج علي الصفوري
قائد في سرايا القدس، وأحد أبطال المعركة البارزين. اعتُقل في الأيام الأخيرة بعد محاصرة مجموعة من المقاتلين داخل المخيم، وحُكم عليه بالسجن المؤبد.
دلالات المعركة
مثّلت معركة مخيم جنين (2002) ذروة المواجهة في انتفاضة الأقصى، وأثبتت أن المخيمات الفلسطينية ما زالت قلاعًا للصمود والمقاومة.
كانت جنين أكثر من معركة ميدانية؛ كانت حالة وعيٍ وكرامةٍ وطنية، كشفت هشاشة “الجيش الذي لا يُقهر”، وخلّدت في الذاكرة الفلسطينية معنى البطولة الجمعية التي لا تُهزم.
شاركنا برأيك