
في 6 أكتوبر / تشرين الأول 1973 الموافق 10 رمضان 1393 هـ، شنّت مصر وسوريا هجومًا مفاجئًا على القوات الإسرائيلية في سيناء وهضبة الجولان، في محاولةٍ لاستعادة الأراضي العربية التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967.
سُميت الحرب عربيًا بـ “حرب أكتوبر” أو “حرب العاشر من رمضان”، بينما عُرفت في إسرائيل بـ “حرب يوم الغفران” (كيبّور)، نظرًا لتزامنها مع أهم الأعياد الدينية اليهودية.
خلفية الحرب
بعد هزيمة يونيو / حزيران 1967، فقدت مصر سيناء وغزة، بينما خسرت سوريا الجولان، والضفة الغربية والقدس وقعتا تحت الاحتلال.
تولى الرئيس أنور السادات الحكم بعد وفاة جمال عبد الناصر عام 1970، وبدأ الإعداد لحربٍ تهدف إلى كسر الجمود العسكري والسياسي واستعادة الكرامة العربية.
وفي 6 أكتوبر 1973، عبرت القوات المصرية قناة السويس ورفعت الأعلام على الضفة الشرقية، فيما تقدمت القوات السورية في هضبة الجولان.
سير المعارك
القوات المصرية نجحت في عبور القناة بعملية منسقة، ودمرت خط “بارليف” الدفاعي الإسرائيلي، وتوغلت 20 كم شرق القناة.
القوات السورية اقتحمت الجولان، واستعادت مناطق واسعة قبل أن تبدأ إسرائيل هجومًا مضادًا مدعومًا بجسرٍ جوي أمريكي ضخم.
في 14 أكتوبر حاولت مصر تطوير الهجوم شرقًا، لكن العملية فشلت بسبب التفوق الجوي الإسرائيلي، ما أدى إلى ما عُرف لاحقًا بـ “ثغرة الدفرسوار”.
وقف إطلاق النار واتفاق فك الاشتباك
أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 338 في 22 أكتوبر 1973، داعيًا إلى وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار 242.
ورغم موافقة الطرفين، واصلت إسرائيل التقدم حتى 24 أكتوبر حين توقفت العمليات العسكرية نهائيًا.
وفي 31 مايو 1974، تم توقيع اتفاقية فك الاشتباك بين مصر وإسرائيل بوساطة أمريكية، أعقبها لاحقًا اتفاق كامب ديفيد (1978) الذي أنهى رسميًا حالة الحرب بين البلدين.
نتائج الحرب
- استعادة السيادة المصرية على قناة السويس وعودة الملاحة فيها عام 1975.
- انسحاب إسرائيل من سيناء بالكامل بموجب اتفاقيات السلام.
- استعادة سوريا مدينة القنيطرة في الجولان المحتل.
- تحول استراتيجي في صورة الجيش المصري والعربي بعد عبور قناة السويس وتحطيم أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”.
دور الفريق سعد الدين الشاذلي في حرب أكتوبر
يُعد الفريق سعد الدين الشاذلي أحد أبرز العقول العسكرية في التاريخ المصري الحديث، وشغل منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية خلال حرب أكتوبر 1973.
كان الشاذلي المهندس الميداني لخطة العبور التي سُمّيت بـ “عملية بدر”، وهي الخطة التي وضعت تفاصيل عبور قناة السويس واقتحام خط بارليف الحصين في 6 أكتوبر 1973.
تميّزت خطته بالاعتماد على عنصر المفاجأة والهجوم المحدود الذي يضمن السيطرة على عمقٍ لا يتجاوز 10 إلى 12 كيلومترًا شرق القناة، تحت مظلة الدفاع الجوي المصري.
ورغم نجاح الخطة الأصلية في تحقيق نصرٍ استراتيجي مفاجئ على الجيش الإسرائيلي في الأيام الأولى للحرب، إلا أن خلافًا عسكريًا حادًا نشب بين الشاذلي والرئيس أنور السادات لاحقًا، بعد أن قرر الأخير تطوير الهجوم شرقًا لتخفيف الضغط عن الجبهة السورية.
عارض الشاذلي القرار بشدة، محذرًا من أن التحرك خارج نطاق الدفاع الجوي المصري سيعرّض القوات لخطرٍ جسيم، وهو ما حدث بالفعل حين تكبدت القوات المصرية خسائر كبيرة في معركة 14 أكتوبر 1973.
بعد الحرب، جرى تهميش الشاذلي سياسيًا وإبعاده عن المشهد العسكري رغم اعتراف قادة العالم بعبقريته التكتيكية.
وظلّ اسمه مرتبطًا بـ النجاح الأكبر في تاريخ العسكرية المصرية، إذ كان عقل حرب أكتوبر وروحها التخطيطية، ورمزًا للانضباط المهني والشجاعة في قول الحقيقة.
“لقد حاربنا لنستعيد كرامتنا قبل أرضنا، والنصر لا يُقاس بما نكسبه من كيلومترات، بل بما نستعيده من ثقة في أنفسنا.”
— الفريق سعد الدين الشاذلي
شاركنا برأيك