المقالات - ذكرى إغتيال الشهيد غسان كنفاني


ذكرى إغتيال الشهيد غسان كنفاني | فلسطيننا

تربع اسم غسان كنفاني على عرش كتابة الأدب الروائي الفلسطيني، ويعد من أهم الأدباء الفلسطينيين الذين أسسوا للأدب الفلسطيني فيما بعد النكبة، وأعادوا الوعي له، وقد عرف كصحفي ومناضل حمل القضية الفلسطينية وهمومها في كل ما كتب، مستلهما كتاباته من نبض الشارع الفلسطيني وواقعه.

"ولد في عكا".. ظلال العيش في عصر النكبة

ولد في عكا عام 1936، وانتقل بعدها للعيش في يافا، كان ينتمي لعائلة من الطبقة الوسطى، وكان والده محاميا، وفجأة انهارت هذه العائلة وأصبحوا لاجئين.. غادر فلسطين إلى لبنان، ولاحقا ذهب إلى دمشق، وهناك درس الأدب العربي، سافر إلى الكويت وباشر في القراءة والتأليف.

شكلت النكبة الفلسطينة عام 1948 نقطة سوداء في التاريخ الفلسطيني، وتأثر كنفاني بالواقع الذي آل إليه الفلسطينيون، فاستلهم من قصص الناس وتجاربهم البائسة في مخيمات اللجوء أعماله الأدبية ورواياته.


التجربة النضالية

لم يكن كنفاني أديبا فقط، بل كان مناضلا من أجل قضيته فلسطين، وظهر التوجه المقاوم لديه منذ طفولته، ورافقه في كل أعماله الأدبية وحياته الشخصية.

انضم إلى حركة القوميين العرب وكتب في المجلات التي كانت تصدرها في دمشق والكويت، وبعد عام 1969 ازداد نشاطه السياسي فأصبح عضوا في المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وقد عرف عنه أنه لم يكن منضبطا في العمل الحزبي أو يشارك في الاجتماعات لكن دوره السياسي كان أساسيا، فقد ساهم في وضع الإستراتيجية السياسية والبيان التأسيسي للجبهة الذي أكد على أهمية العمل الفدائي والكفاح المسلح.

وفي سبتمبر/أيلول 1970 أجبرت مجموعة من الجبهة الشعبية ثلاث طائرات على الهبوط في مطار دوسن فيلد العسكري بمنطقة صحراوية في الأردن كانت سابقا قاعدة جوية بريطانية وقامت باحتجاز 310 رهائن للمطالبة بإطلاق صراح ليلى خالد والمعتقلين الفلسطينيين في إسرائيل، وقد كان كنفاني في واجهة الحدث كونه المتحدث باسم الجبهة الشعبية حينها.

ومع بداية السبعينيات كانت بيروت بؤرة للحركات التحررية العالمية، وكانت لكنفاني علاقات شخصية بالثوريين العالميين في تلك الفترة.

مؤتمر الشهيد غسان كنفاني

مؤتمر للشهيد غسان كنفاني وبسام أبو شريف في أيلول ١٩٧٠، يطالبان فيه بإطلاق سراح فدائيين من بينهم أمينة دحبور وليلى خالد، تم اعتقالهم في "إسرائيل" ودول أوروبية، مقابل الإفراج عن رهائن أسرتهم الجبهة الشعبية.


أشهر روايات غسان كنفاني 

  • عائد إلى حيفا.
  •  رجال من الشمس. 
  • أرض البرتقال الحزين. 
  • أم سعد. 
  • عن الرجال والبنادق. 
  • القميص المسروق. 
  • العاشق. 
  • ما تبقى لكم. 
  • عالم ليس لنا. 
  • الشيء الأخر.


"رجال في الشمس".. الفلسطيني الأخرس والعربي الأصم

لاقت رواية كنفاني "رجال في الشمس" التي صدرت عام 1963 انقساما بين القراء والمهتمين، فاعتبر المؤيدون أن كنفاني قدم فيها صرخة للتحرك والتغيير، معتبرين أن ربط شخصية أبو الخيزران (العاجز جنسيا) بالهزيمة، ما هو إلا تجسيد للقيادات العاجزة عن قيادة شعبها .

بينما يرى منتقدو العمل أن شخصية أبو الخيزران على الرغم من قوة حضورها الروائي، بقيت أسيرة لمفهوم الذكورة الذي لا ينسجم مع الفكر التقدمي الذي حمله الكاتب، فالروائي إلياس خوري يعتقد بأن الفحولة ليست رمزا للقدرة على قيادة الشعوب، وليس العجز الجنسي رمزا للتخبط والفوضى وقيادة الشعوب إلى الهاوية والهزيمة. ويرى أن الرواية كان فيها ثلاثة رجال يدقّون ولا أحد يسمعهم، فهل فعلا دقوا -كما ادعى كنفاني- وهو لم يسمعهم أو لم يدقوا، وهل المشلكة في كون الفلسطيني أخرس؟ أم أن العربي لا يسمع؟


"عائد إلى حيفا".. نقد الذات في ظل الخيانة العربية

حملت رواية "عائد إلى حيفا" رموزا متعددة، فقد طرح فيها فكرة ماهية الوطن، وتساءل هل هي الثقافة أم الوطن هو رابط الدم؟

يجيب كنفاني عن ذلك في روايته قائلا: "سألت: ماهو الوطن؟ وكنت أسأل نفسي ذلك قبل لحظة، أجل ما هو الوطن؟ أهو هذان المقعدان اللذان ظلا في الغرفة عشرين سنة؟ الطاولة؟ ريش الطاووس؟ صورة القدس على الجدار؟ المزلاج النحاسي؟ شجرة البلوط؟ الشرفة؟ ماهو الوطن؟ أوهامنا عنه؟ الأبوة؟ البنوة؟ ماهو الوطن؟".


أبرز مقولات الشهيد غسان كنفاني

"إذا كنا مدافعين فاشلين عن القضية،،، فالأجدر بنا أن نغير المدافعين لا أن نغير القضية". 
"لا تمت قبل أن تكون ندّاً"
إن الجلوس مع العدو حتى في استديو تلفزيوني، هو خطأ أساسي في المعركة، وكذلك فإنه من الخطأ اعتبار هذه المسألة مسألة شكلية.
المَرأة توجد مرَّةً واحدة في عمر الرَّجل، وكذلِك الرَّجل في عمرِ المرْأة، وعدَا ذلِك ليس إلاَّ محاولات للتَّعويض.


سيارة مفخخة في بيروت.. خاتمة برعاية الموساد

كانت حياة غسان كنفاني زاخرة بالأعمال الأدبية رغم قصرها، ولكن أهم رواياته تلك التي كتبها بدمه، فقد سطرت ملحمة نضال لروائي فلسطيني أبى أن تكون نهايته عادية، فبقي صامدا ومقاوما كزيتونة رومية.

وكما كانت كتابته رمزية كان موته كذلك برمزية، فقد اغتالته أيدي الموساد في يوليو/تموز 1972 في بيروت عن طريق سيارة مفخخة، لأنها عندما تختار فإنها غالبا ما تنتقي الصفوة.

خرجت لغسان كنفاني جنازة ضخمة ودُفن في مقبرة الشهداء، وكان أول شهيد يدفن فيها (أهدت للمقاومة من مفتي لبنان..) وعلى بعد أمتار منه دفنت لميس ابنة أخته فايزة