كانت القدس الجديدة تمثل اروع صور النجاح في الزحف العربي فقد كانت هذه المدينة تضم مائة الف يهودي وكانت تمثل الروح المقدسة بالنسبة لليهود كانت محاصرة من جميع الاتجاهات وكان المجاهدون الفلسطينيون قد احتلوا منذ امد رأس العين وبذلك حرمت جمع اليهود من الماء واعتمدوا على الابار بداخلها ووزعوها بالبطاقات في كميات لا تكفي ولا تروي وحال المحاصرون العرب من جنود الجيش العربي وقوات المجاهدين احمد عبد العزيز والمناضلين الفلسطينيين دون وصول الامدادات والتموين اليها فتسرب الجوع بعد العطش الى تلك المدينة المكتظة المهمة وواصلت المدفعية العربية قصفها ليلا نهارا فحرم السكان من النوم وانهارت اعصابهم وضاق بهم مجال النجاة وكان العالم كله يتوقع سقوط المدينة في ايدي العرب بين لحظة واخرى لاسيما بعد ان فشلت مساعي مندوب الصليب الاحمر في ادخال المياه الى القدس واشترط القائد العربي ان يلقي اليهود سلاحهم وأن يؤسر المحاربون منهم ولقد كاد الأمر أن يحدث لولا أن بريطانيا تدخلت لصالح اليهود.

 

كان ذلك عندما تقدمت بريطانيا الى مجلس الامن تطلب وقف القتال أربعة أسابيع والتعهد بعدم إرسال محاربين ومواد حربية الى فلسطين خلال هذه الفترة وتطبيق مادة العقوبات العسكرية والاقتصادية على من يخالف الامر، وفي 29 مايو 1948 وافق مجلس الأمن على هذا القرار واعلنت الحكومة البريطانية انها ستتوقف عن ارسال الاسلحة الى الدول العربية المرتبطة معها بمعاهدات وهي مصر والعراق والاردن، كما قرر مجلس الأمن تعيين الكونت برنادوت وسيطا منتدبا من قبل هيئة الامم مهمته التوفيق بين العرب واليهود وسميت هذه الهدنة بعد ذلك بالهدنة الاولى وبدأ تطبيقها رسميا في 11 يونيو وفيما التزم العرب بالهدنة استمرت اوروبا بإمداد اليهود خلال هذه الفترة من بناء الخنادق وفتحوا الطرق التي ربطت تل أبيب بالقدس بعد ان استحال عليهم ذلك مدة الحصار العربي واستوردوا الطائرات والدبابات والرجال من بريطانيا وأمريكا وواصلوا التدريب العملي الشاق ليجعلوا من عصاباتهم جيشا منظما.

كما ان اليهود خرقوا الهدنة بمجرد وصول كميات السلاح اليهم حيث بدأت العصابات الصهيونية تشن هجماتها على المدينة القديمة بالرغم من الهدنة وقد قامت قوات البالماخ بهجومها العنيف على باب النبي داوود يوم 30 من حزيران 1948 فاستخدمت مدافع الهاون ثلاث ساعات متتالية ولم يجب الجيش العربي حتى بدأوا تقدمهم وكان صداما عنيفا انتهى بتراجع اليهود بعد أن تركوا وراءهم 85 قتيلاً.

ودفع الخرق اليهودي للهدنة الأمين العام لجامعة الدول العربية الى تقديم شكوى الى برنادوت عن انتهاكات اليهود وكانت هذه الشكوى تحتوي على تهديد من قبل الأمين العام بإلغاء اتفاق وقف اطلاق النار إذا لم تتوقف انتهاكات اليهود لهدنة ولكن الجامعة لم تنفذ تهديدها بالرغم من كل الانتهاكات التي فعلها اليهود خلال الهدنة.

شاركنا برأيك

البريد الإلكتروني، فقط للرد على إستفساراتكم
Loading ...
شكراً لكم، تم إضافة التعليق بنجاح