إن عملية طوفان الأقصى ليس بالحدث الفريد على الشعب الفلسطيني، فمعركة الشعب الفلسطيني لم تبدأ منذ 7 أكتوبر 2023، بس بدأت قبل 105 أعوام من الاحتلال، 30 عاما تحت الاحتلال البريطاني و 75 تحت الاحتلال الصهيوني.
لذلك لا يمكن فصل هذه العملية عن السياق التاريخي للقضيه الفلسطينية بشكل عام.
السياق التاريخي
عند إحتلال فلسطين من قبل بريطانيا لم يكن يمتلك اليهود أكثر من 1.5٪ من أرض فلسطين، وكانوا مواطنين يتمتعون بكافة الإمتيازات والحقوق ويعيشون بسلام وأمان.
كانت بريطانيا تمهد لتهويد فلسطين، فبدأت الهجرة اليهوديه من أوروبا لفلسطين، ففتحت أبواب الهجرة لليهود وقامت بقمع الشعب الفلسطيني.
إنتبه الشعب الفلسطيني لهذه المؤامره فقامت ثورة البراق عام 1929 التي إنتهت بإستشهاد العشرات من الفلسطينيين، وفي عام 1936 إنطلقت الثورة العربية الكبرى والتي استمرت لثلاث سنوات لكن أيضا إستطاعت بريطانيا إخمادها.
إقرأ أيضا : ثورة النبي موسى | أول ثورة فلسطينية ضد الإحتلال البريطاني
سهل الاحتلال البريطاني عملية شراء الأراضي من الفلسطينيين من قبل اليهود وكانت معظم عمليات البيع ليس من الفلسطينين وبالرغم من كل ذلك لم يمتلك الصهاينه أكثر من 6% من مساحة فلسطين.
قامت بريطانيا بقتل الفلسطينيين وتهجيرهم من مدنهم وقراهم، حيث إنه قبل النكبة تم تهجير ما يقارب 200 قرية فلسطينية.
عام 1948 تم إحتلال فلسطين من قبل الصهاينة، وقامت القوات الصهاينة بإرتكاب مجازر بشعة وتطهير عرقي أدى للسيطرة على 77% من أرض فلسطين وتهجير أكثر من 57% من شعب فلسطين ودمرت أكثر من 500 قرية وبلدة فلسطينية، وفي عام 1967 تم إحتلال باقي أرض فلسطين أي الضفه الغربيه وغزه والقدس وأراضي عربيه أخرى مثل الجولان و سيناء.
إقرأ أيضا: القرى الفلسطينية التي تم تدميرها وتهجيرها إبان النكبة
في ظل هذه الظلم والتدمير والتهجير والمجازر، نشأت حركات فلسطينية لمقاومه الاحتلال مثل ( فتح، الجبهة الشعبيه.... وغيرها)، وقامت بمقاومه هذا المحتل ونفذت مجموعة من العمليات ضد الصهاينه.
تهجير الفلسطينيين من مدنهم وقراهم أثناء النكبة
تهجير الفلسطينيين من مدنهم وقراهم أثناء النكبة
لاحق الاحتلال الصهيوني حركات المقاومه أينما وجدت، ففي العام 1968 حاول الاحتلال القضاء على المقاومه الفلسطينية في الأردن، فوقعت معركة الكرامه، إلا أنها إنتهت بهزيمه القوات الصهيونية، و العام 1982 قامت بحصار بيروت لمده 82 يوم وإرتكبت مجموعة من المجازر بينما كانت هذه الفصائل تواجه هذه المحتل، ولم ينتهي إجتياح بيروت بعد الوصول لإتفاق يقضي بخروج القوات الفلسطينية من بيروت.
بعد خروج القوات الفلسطينية من بيروت إرتكتب القوات الصهيونية مجزرة صبرا وشاتيلا بحق الفلسطينيين المدنيين الذين تم تهجيرهم من فلسطين إلى لبنان، فإستشهد حوالي 3000 فلسطيني.
إقرأ ايضا: المجازر الإسرائيلية في فلسطين
عام 1987 إندلعت انتفاضه الحجارة، بعدما قتل الاحتلال الصهيوني 6 فلسطينيين في مخيم جباليا / غزة، وإستمرت هذه الإنتفاضه حتى العام 1992.
عام 1992 تم توقيع إتفاقيه سلام بين منظمه التحرير الفلسطينية والإحتلال الصهيوني يتم بموجبه إقامه دولة فلسطينية على حدود العام 1967 بينما تعترف منظمة التحرير بدولة فلسطين، على أن يتم عودة اللاجئين الفلسطينيين وتفكيك المستوطنات وأن تكون القدس الشرقيه عاصمه لدولة فلسطين.
إلتزمت السلطه الفلسطينية ببنود هذه الإتفاقيه، بينما لم يلتزم الاحتلال بأي بند، وفي العام 1996 أطلق الشهيد ياسر عرفات إنتفاضه النفق، بعد التي شارك فيها كافة أطياف الشعب الفلسطيني، والتي كان من نتائجها أن الاحتلال إظطر لتسليم مدينة الخليل للسلطه الفلسطينية.
في العام 2000 قام المجرم أرييل شارون ( رئيس وزراء دولة الاحتلال) بإقتحام المسجد الأقصى فإندلعت إنتفاضه الأقصى والتي إستمرت لمده 5 سنوات ولم تنتهي إلا بإستشهاد الشهيد ياسر عرفات، حيث إستشهد في هذه الإنتفاضه ما يقارب 5000 فلسطيني. والتي كان من نتائجها إنسحاب الاحتلال الصهيوني من بعض مستوطنات قطاع غزه، والتي كان من المفترض أن ينسحب منها بعد إتفاق أوسلو.
قطاع غزة
بعد إستلام حركة حماس للحكم في مدينة فرض الاحتلال حصار على مليوني ونصف إنسان، فصادرت حقوقه الأساسية في العلاج والمأكل، فعاني القطاع لأكثر من 17 عاما من الحصار، ليتحول لأكبر سجن مفتوح في العالم، كما عانى من خمسة حروب مدمرة، كان الاحتلال هو البادئ فيها، وحتى عندما حاول شعبنا في قطاع غزة الإحتجاج السلمي، والمطالبة بأبسط حقوقه في العيش، عبر ما يعرف بمسيرات العوده لم يتوان الاحتلال عن قتل 360 فلسطيني وجرح أكثر من 19 ألف أخرين بينهم نحو 5000 طفل.
صورة تظهر قطاع غزة المحاصر، مع القيود المفروضة عليه بحيث أصبح غير قابل للحياه
اسمي رزان النجار، أنا مسعفة، قتلني قناص اسرائيلي أثناء قيامي بواجبي الانساني في اسعاف المصابين الذين استهدفهم جنود الاحتلال خلال مسيرات العودة على حدود قطاع غزة ..
الضفة الغربيه
الإستيطان.
بالرغم من أن الاحتلال يجب أن يقوم بتفكيك المستوطنات حسب إتفاق أوسلو، إلا أن الاحتلال الصهيوني لم يلتزم بذلك بل قام ببناء مستوطنات جديده، ففي العام 1992 عند توقيع إتفاق أوسلو كان عدد المستوطنات في الضفه الغربية حوالي 147 مستوطنه و 9 بؤر إستيطانيه، وبلغ عدد المستوطنين 252,545 مستوطن، في حين وصل عدد هذه المستوطنات إلى 175 مستوطنه و 174 بؤرة إستيطانيه، وبلغ عدد المستوطنين 726,427 مستوطن.
إعتداءات المستوطنين
بحماية من قوات الاحتلال الصهيوني يرتكب مستوطنو دولة الاحتلال بشكل شبه يومي من إعتداءات على الفلسطينيين في الضفه الغربيه من حيث تجريف الأراضي وقلع الأشجار وقتل الفلسطينيين، فمنذ بداية العام 2023 بلغ عدد من قتلهم المستوطنون فقط 10 شهداء، ومنعوا الوصول إلى نحو 134 ألف دونم من الأراضي القريبة من المستوطنات لقطف ثمار الزيتون.
إقتحام القوات الصهيونية للضفه
بعد إنتهاء إنتفاضه الأقصى في العام 2004 إستشهد في فلسطين 22383 فلسطيني على أيدي القوات الصهيونية موزعين بالشكل التالي:
- أطفال 6650.
- نساء 3462
- مسنين 1061
- صحفيين 175
- أسرى في سجون الاحتلال 43.
اسمي ليان الشاعر، عمري 9 أعوام، قلتني غارة اسرائيلية أثناء توجهي للمرح واللعب على شاطئ البحر برفقة أمي وأخواتي..
اسمي علي دوابشة، عمري 18 شهراً، وهذه أمي وهذا أبي معي في الصورة، هاجم المستوطنون منزلنا في قرية دوما ليلاً ونحن نيام، وأشعلوه بالنيران التي حاصرتنا، فقتلوني وأبي وأمي حرقاً ونحن أحياء، ونجى أخي الوحيد أحمد مصاباً بحروق بالغة ..
اسمي محمد أبو خضير، عمري 16 عاما، خطفني مستوطنون اسرائيليون في مدينة القدس أثناء توجهي لصلاة الفجر في شهر رمضان المبارك، وعذبوني ثم أحرقوني حياً ..
الاسرى في سجون الاحتلال
حسب إتفاق أوسلو يجب أن تلتزم إسرائيل عن الإفراج عن الفلسطينيين المعتقلين في سجون الاحتلال، إلا أن الاحتلال لم يفرج إلا عن جزء بسيط منهم، بل ما زالت تمارس الإعتقال بحق الفلسطينيين، فيقبع في سجون الاحتلال اليوم 8800 أسير منهم 80 امرأة، و 200 طفل، كما يقطي حوالي 3291 أسير بما يسمى بالإعتقال الإداري ( دون توجيه تهمه ).
إقرأ ايضا: ما هي الزوندا | أبرز جرائم الإحتلال
كما يتعرض الأسرى الفلسطينييون داخل السجون الإسرائيلية أوضاعا سيئه، فهم يتعرضون للتعذيب الجسدي والنفسي ضمن وحشية ممنهجه، كالحرمان من الرعاية الطبيه، ونقص الطعام، والعزل الإنفرادي والحرمان من النوم، وإرتقى في سجون الاحتلال شهداء فلسطينيين إثر التعذيب.
ما هو الإعتقال الإداري | أبرز جرائم الإحتلال
إقرأ ايضا : وضعيات التعذيب في سجون الإحتلال
الأسير الشهيد - خضر عدنان - إستشهد في سجون الإحتلال
القدس
تهدف إسرائيل لتغير معالم القدس وذلك من خلال التهويد حيث تقوم بتهجير الفلسطيين لإنهاء الوجود العربي فيها، من خلال مصادرة الأراضي وهدم المنازل وسحب هويات الفلسطينيين، وفرض ضرائب عاليه على الفلسطينيين.
المسجد الأقصى
يسعى الاحتلال يوما بعد يوم من أجل هدم المسجد الأقصى، وذلك من خلال حفر أنفاق تحت المسجد بحجه البحث عن الهيكل المزعوم، كما يسعى لفرض التقسيم الزماني والمكاني بحيث يتم أخذ جزء منه لليهود فقط والجزء الأخر يسمح للفلسطينيين لزيارته والصلاه به في أوقات معينه فقط، كما تتزايد يوما بعد يوم من إقتحامات المستوطنين الصهاينه للمسجد الأقصى.
إقرا أيضا: ذكرى إحراق المسجد الأقصى من قبل الصهاينة
إقرأ ايضا: معلومات مهمة حوال ما يحاول المستوطنون عملة في المسجد الاقصى خلال عيد الفصح
مسار التسوية السلمية
بالرغم من أن إتفاق أوسلو عام 1993 مع منظمة التحرير والذي كان من المفترض أن يؤسس لإنشاء دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزه، إلا أن الاحتلال الصهيوني تنصل من كل ذلك وبدعم من أمريكا والحلفاء الأوروبيين، بل عملوا عكس ذلك من خلال مضاعفة الإستيطان وإتباع سياسة التهويد.
قبل طوفان الأقصى بشهر حمل رئيس الوزراء لدولة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابة أمام الأمم المتحده خريطة لكامل فلسطين التاريخية بما فيها الضفه الغربيه وقطاع غزة، وقد لونت كلها بلون واحد وعليها إسم إسرائيل، ولم يحرك العالم ساكنا وهو يرجى عنجهيه إسرائيل ومصادرتها لإرادة المجتمع الدولي وإنكار حقوق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير.
المواقف الدولية
الولايات المتحده الأمريكية وحلفاؤها الغربيون يتعاملون مع دولة الاحتلال الصهيوني منذ إنشاؤها كدولة فوق القانون، ويوفرون الغطاء اللازم لإستمرار إحتلالها لفلسطين وقمع الشهب الفلسطيني، حيث تم إصدار أكثر من 900 قرار لصالح الشعب الفلسطيني إلا أن إسرائيل رفضت تنفيذ أي منها، وكان الفيتو الغربي دائما بالمرصاد ضد أي محاولة لإلزم إسرائيل بتنفيذ القرارات أو حتى إدانه سلوكها.
صورة تظهر خارطة فلسطين، منذ بداية العام 1948 وإلى ما وصل إليه الحال في 2023
طوفان الأقصى
حسب القانون الدولي وقرارات الأمم المتحده، فإن جميع وسائل المقاومه لهذا المحتل متاحه، والأن وبعد المعطيات أعلاه وهي غيض من فيض، وإفشال أي أمل بالتحرير، ماذا يتوقع العالم من شعبنا الفلسطيني أن يفعل.
هل كان يجب علينا أن نواصل الإنتظار والرهان على الأمم المتحدة ومؤسساتها العاجز، أم إنه من الطبيعي أن نبادر للدفاع عن الأرض والإنسان والمقدسات، علما أنه حق مكفول في القانون الدولي والشرائع والأعراف البشرية.
لقد إستهدفت عملية طوفان الأقصى المواقع العسكرية الإسرائيلية وسعت لاسر جنود الاحتلال، في محاولة لفرض واقع جديد يحسن من ظروف الشعب الفلسطيني ويرفع شيئ من الظلم الواقع عليه.
لذلك كان القرار من كتائب القسام ( الجناح العسكري لحركة حماس )، وباقي فصائل المقاومه بإتخاذ هذه الخطوه.
حقائق ما بعد الطوفان
- عندما دخلت المقاومه الفلسطينية إلى الاحتلال فعليا فهي دخلت إلى أراضيها المسروقه وبيوتها المنهوبة.
- هشاشة دولة الاحتلال، فخلال سويعات فقط إستطاعت المقاومه إجتياح التحصينات الأمنية والعسكرية والفنية، فلم تتمكن دولة الاحتلال من تأمين ٣٥-٤٠ من الحدود، إلا أنها تقوم فقط من خلال الدعم الأوروبي والأمريكي.
- إعتماد الرواية الصهيونية على الكذب حيث روج الاحتلال أن كتائب القسام إستهدفت المدنيين، وقطعت رؤوس الأطفال، إلا أن العالم إكتشف زيف الرواية الصهيونية.
- وحشية الاحتلال الصهيوني، حيث إستهدف المدنيين الفلسطيني وهدم المنازل على أصحابها، ومنع المساعدات الطبيه والمعيشيه كالطعام والماء، وإستهداف الصحفيين، وقصف المشافي، وهذا بالضبط ما تفعله الحركات الإرهابيه مثل تنظيم داعش.
- إدعى الاحتلال أن المقاومه قامت بإغتصاب النساء ، إلا أن موقع موندوفايس كذب كل هذه الإدعاءات.
- شاهد العالم وبشهاده الأسرى المفرج عنهم، بأن المقاومه تعاملت معهم بصوره إيجابيه.
التعليقات - 2