المقالات - قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 والذي أقر "حق العودة" للاجئين الفلسطينيين


قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194 والذي أقر "حق العودة" للاجئين الفلسطينيين | فلسطيننا

حق العودة الفلسطيني... الوعد الذي لم يتحقق

في 11 كانون الأول/ديسمبر 1948، وبعد أشهر قليلة من نكبة فلسطين، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثالثة القرار التاريخي رقم 194، الذي أكّد بوضوح حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم والتعويض عن خسائرهم.

جاء القرار استنادًا إلى توصيات برنادوت الذي دفع حياته ثمنًا لموقفه الإنساني العادل، بعد أن طالب في تقريره الشهير بوجوب عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بيوتهم فورًا، وتعويض من لا يرغب بالعودة.


نص القرار رقم 194

نصّت الفقرة (الفقرة 11) من القرار على ما يلي:


"وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن، للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم،

ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم،

وكذلك عن كل فقدان أو خسارة أو ضرر للممتلكات بحيث يعود الشيء إلى أصله وفقاً لمبادئ القانون الدولي والعدالة،

بحيث يعوّض عن ذلك الفقدان أو الخسارة أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة."


بهذه الصياغة الواضحة، أقرت الأمم المتحدة رسميًا حق العودة،

وحمّلت الاحتلال مسؤولية التعويض عن الأضرار والخسائر التي لحقت بالفلسطينيين جراء التهجير القسري والمجازر الجماعية عام 1948.


السياق التاريخي للقرار

جاء القرار 194 بعد سلسلة من الأحداث المفصلية في تاريخ القضية الفلسطينية:

إعلان قيام إسرائيل في 14 أيار/مايو 1948 وما تبعه من تطهير عرقي شمل أكثر من 500 قرية فلسطينية.

تهجير أكثر من 750 ألف فلسطيني من أراضيهم قسرًا نحو الدول المجاورة.


البعد القانوني لحق العودة

  • يمثل القرار 194 الركيزة القانونية الأساسية لحق اللاجئين الفلسطينيين، وهو الحق الذي أصبح مبدأً ثابتًا في القانون الدولي الإنساني.
  • فالعودة إلى الديار ليست “منحة سياسية”، بل حق فردي وجماعي غير قابل للتصرف، تؤكده المواثيق الدولية التالية:
  • الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (المادة 13): "لكل فرد الحق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفي العودة إلى بلده."
  • العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (المادة 12): "لا يجوز حرمان أحد، تعسفًا، من حق الدخول إلى بلده."
  • وبذلك، فإن حق العودة ليس مرتبطًا بظروف سياسية أو تفاوضية، بل هو حق قانوني ثابت بحكم القرارات الدولية.


الموقف الإسرائيلي من القرار

رفضت "إسرائيل" منذ اللحظة الأولى تنفيذ القرار 194، ورأت فيه تهديدًا لوجودها الديموغرافي، إذ يعني تطبيقه عودة مئات آلاف الفلسطينيين إلى أراضيهم التي أقيمت عليها المستوطنات والمدن اليهودية الجديدة.

بينما سعت دبلوماسيًا دولة الإحتلال إلى طمس القرار من الذاكرة الدولية أو استبداله بصيغ “تعويض مالي” أو “حل بديل” في دول اللجوء — وهو ما رفضه الفلسطينيون بشكل قاطع، مؤكدين أن العودة إلى الأرض لا بديل عنها.


الموقف الفلسطيني

  • منذ عام 1948 وحتى اليوم، ظل القرار 194 الوثيقة الأممية الأهم في الخطاب الفلسطيني الرسمي والشعبي.
  • تتمسك منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية وحركات المقاومة بالقرار كمرجعية أساسية لأي تسوية عادلة،
  • بينما تحيي المخيمات الفلسطينية في الشتات — من لبنان وسوريا إلى الأردن وغزة — ذكرى القرار سنويًا تحت شعار:
  • “العودة حق لا يسقط بالتقادم.”
  • هذا الإصرار الشعبي على القرار 194 هو ما أبقى قضية اللاجئين حيّة في الذاكرة السياسية والإنسانية رغم مرور أكثر من سبعة عقود على النكبة.


بين النص والواقع

رغم مرور أكثر من 75 عامًا على صدور القرار، لم تُنفَّذ بنوده يومًا. لم يُسمح لأي لاجئ فلسطيني بالعودة إلى أرضه، ولم تُدفع تعويضات عادلة، بينما استمرت “إسرائيل” في بناء المستوطنات ومصادرة الأراضي وتغيير هوية المكان تحوّل القرار 194 من وثيقة أممية ملزمة إلى رمز للعدالة الغائبة،

لكنه في الوعي الفلسطيني يظلّ وعدًا بالحق وذاكرة للعودة — فالقانون لا يسقط بالتقادم، والحق لا يُمحى بالنسيان.