تتميز فلسطين بتراثها الغني من المأكولات الشعبية التي تتوارثها عبر الأجيال، فتشتهر كل مدينة وقرية فلسطينية بنوع معين من الأكلات التقليدية، حيث انتشر بعضها في جميع أنحاء العالم. ويروي المطبخ الفلسطيني قصة تجسد الكنز والتنوع الثقافي لفلسطين التي شهدت مدّ الحضارات.
ويعد هذا التراث الأصيل سلاحاً من أسلحة حرب الصراع الوجودي للفلسطينيين، أمام محاولات العدو الصهيوني من سرقته ونسبه على أنها أطعمة إسرائيلية في المهرجانات والمناسبات الدولية. فما اكتفوا من سرقة الأرض وتهجير الشعب فحسب بل انتقلوا لسرقة التراث من الثوب الفلسطيني إلى الأكلات الشعبية، ليحاولوا أن يثبتوا أمام العالم أن لهم تاريخ بهذه الأرض. ورغم المعركة الثقافية والتراثية القائمة منذ سنوات، ما زال الفلسطيني حريصًا على نقل تراثه إلى الأجيال اللاحقة للحفاظ على الهوية والذاكرة الشعبية.
ما يلي بعض من هذه الأكلات التقليدية في كل أنحاء فلسطين:
السماقية الغزاوية
تبقى السماقية سيدة المائدة الغزاوية في الأعياد والمناسبات الخاصة والحفلات سواء كان حفل حناء، أو ليلة العريس، أو عيد الفطر والأضحى. وينسج السماقية مزيجًا متناغمًا من المكونات الطازجة التي تشمل السماق، والسلق، والبصل، واللحم، وحمص منقوع، وعين جرادة، وفلفل أخضر، وشطة حمراء حسب الرغبة. فشغف الشعب الغزاوي بالمأكولات الحارة دفعهم إلى دور رائد بالمطبخ الفلسطيني.
القدرة الخليلية
لا تزال القدرة الخليلة واحدة من أشهى الأكلات الشعبية الفلسطينية الموروثة عن الآباء والأجداد من مئات السنين وخصوصا في محافظة الخليل، حيث يتم تحضيرها بذات الطريقة التقليدية في قدر نحاسي، ويدخل في مكوناتها لحم الخروف أو الدجاج ويضاف اليها الأرز والسمن البلدي، وتوضع في فرن يعمل على الحطب. وغالبا ما تقدم في المناسبات الخاصة والعائلية فهي ليست مجرد وجبة، بل تجربة ثقافية واجتماعية تعكس جوهر المطبخ الفلسطيني.
الكعك المقدسي
تجذب رائحة كعك القدس بالسمسم كل زوار وأهالي المدينة، فهو ليس كأي كعك فقد ارتبط اسمه بالمدينة وحمل نكهة خاصة. وسر تميز نكهة كعك القدس هو بركة وقُدسية المكان وأفران حطب الزيتون المقدسية في البلدة القديمة لخبز الكعك، والذي يعود عمرها لمئات السنين. وتعلم المقدسيون تحضير كعك القدس من الأتراك، ثم ابتكر الخبازون فكرة الكعك الطولي الشكل وتوارثوا تحضيره ليبقى كعك القدس مميزا عن غيره، خاصة عند تناوله مع الفلافل وزيت الزيتون والزعتر.
العكوب النابلسي
العكوب نبات شوكي، يعيش في جبال الجليل والأغوار ونابلس، ويؤكل عادة إما مقليًا مع البيض، ومطهوًا مع اللبن واللحم، أو ينطبخ مع طبق المقلوبة. وتشتهر نابلس بتحضير العكوب المنظف والمقطع إذ يطهونه على مدار العام سواء في موسمه أو غير موسمه؛ حيث يتم تجميده طوال فصول السنة.
المفتول
يرجع تاريخ هذه الأكلة الشعبية إلى العصور القديمة إذ تحضر عادة أيام الشتاء، ومكونها الأساسي هو دقيق السميد أو القمح المجروش المضاف اليه الطحين ويتم عجن الخليط وتشكيله على شكل كرات صغيرة تماثل حبوب الكرسنة. ويطهى المفتول بطناجر خاصة مكونة من قطعتين فوق بعض، على البخار المتصاعد من مرق اللحم وخليط الخضراوات حتى نضجها.
المسخن بخبز الطابون
المقلوبة
تُعتبر المقلوبة أشهر الأطباق الفلسطينية التي اشتهرَ بها أهل الساحل على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، الذين كانوا يعتمدون في طعامهم على صيد السمك، حيث كانت تُسمّى "الصيادية" أي "مقلوبة السمك”. ثم انتشرت بين أهالي المناطق الفلسطينية الجبلية باستخدام الدجاج أو اللحم بدلًا من السمك، وسُمّيت مقلوبة لأنه يتم وضع اللحم أو الدجاج مع الخضار المشكلة مثل الباذنجان والقرنبيط والبطاطا في قاع الوعاء الذي تُطبخ فيه، ثم تُقلَب عند تقديمها.
الرمانية الغزاوية
الكنافة النابلسية
الملبن الخليلي
الحمص
الفلافل
أكلات فلسطينية تقليدية أخرى
بالإضافة إلى الأكلات الفلسطينية التقليدية الأخرى مثل المجدرة والششبرك، والفريكة، وورق العنب "الدوالي"، والأوزي، والمحاشي (من الكوسا والباذنجان واللفت والقرع وغيره)، ومشاط الزهرة، والصيادية، والخبيزة، والفول الأخضر باللبن، والكشك، والفقاعية، والمطفية، والمصروعة القلقيلية، والقريص، وغيرها الكثير.
ومن الحلويات التقليدية الفلسطينية النمورة، والمدلوقة النابلسية، وكعك القزحة، والحلبة، والزلابية، والهيطلية، والتمرية من مدينة نابلس، والبسيس من منطقة الجليل. فجميع هذه المأكولات الشعبية تحمل إرثا ثقافيا وكنزا تراثيا تتحدى مخططات التشويه والتهويد.
الإحتلال الصهيوني وسرقة الأكلات الشعبيه الفلسطينية والتراث الفلسطيني
لم يكتف الاحتلال الإسرائيلي بسلب الأرض وتزوير المعالم التاريخية والثقافية لفلسطين فقط؛ بل عمل على سرقة الموروث الفلسطيني بكل أشكاله، من المطرزات التراثية والمأكولات الشعبية، وذلك بهدف بناء علاقة مع الأرض من خلال سرقة التراث الفلسطيني.
وبين حين وآخر، تنشر صفحات إسرائيلية ناطقة بالعربية على مواقع التواصل الاجتماعي وصفات لطبخات عربية وفلسطينية، مع وصفها بالإسرائيلية، وتخصص لبعضها أيامًا محددة للاحتفال، مثل الشكشوكة. كما تستغل ذلك في الأيام العالمية، مثل اليوم العالمي للحمص في 13 أيار/مايو؛ إذ يحتفل الاحتلال بالحمص بصفته "طبقًا إسرائيليا". وفي أوروبا، ثمة مطاعم تقدم الأطباق الفلسطينية على أنها "إسرائيلية"، ويتكرر الأمر في مؤتمرات الطعام العالمية.
فليس مستبعدا أن يصل الأمر إلى أن ترى في يوم ما تنسب دولة الإحتلال إليها المسخن أو المقلوبة الفلسطينية، فقد سرقت الحمص والفلافل والتبولة وغيرها من الأكلات الفلسطينية والعربية بحثا عن تاريخ في بلادنا". كما لم تقتصر على الطعام الفلسطيني فحسب، وإنما امتدت لتصل إلى كثير من الأكلات العربية مثل "الشكشوكة" (مكوناتها مغاربية) التي كانت الأمهات الفلسطينيات يحضرنها لأطفالهن، وإن الاحتلال يسوقها على أنها أكلة إسرائيلية.
شاركنا برأيك