عاصفة من الشمال، هبت على الإحتلال، عطلت مشروع سرقة مياة نهر الأردن، وكانت إعلان لإنطلاقة واحده من أكبر حركات التحرر في فلسطين، إنها عملية عيلبون.
عملية عيلبون هي أول عملية عسكرية نفذتها قوات العاصفة التابعة لحركة فتح ضد إسرائيل ما بين 28 إلى 31 ديسمبر (كانون الأول) 1964. تُعد العملية في الأدبيات السياسية الفلسطينية انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة.
الأهداف المعلنة من عملية عيلبون
جاءت ردًا على المشاريع المائية الإسرائيلية لسحب مياه نهر الأردن واستهدفت تفجير منشأة مائية في منطقة عيلبون شمال فلسطين، حيث كان الإحتلال الصهيوني يهدف لسحب المياة وإيصالها لصحراء النقب، لبناء المغتصبات الصهيونية من أجل إسكان اليهود المهاجرين فيها.
وصدر عن «العاصفة» بيانها الأول يوم 1 يناير 1965 الذي أعلن عن تنفيذ عملية عسكرية في ليلة 31 ديسمبر/1 يناير حققت أهدافها وعاد منفذوها بسلام، وتبعه البيان الثاني الذي أعلن عن تفاصيل العملية حيث قامت قوة من العاصفة بمهاجمة العدو ومنشآت تحويل نهر الأردن واستطاعت أن تصيب أهدافها في كل من نفق عيلبون وسهل البطوف، وعن استشهاد مقاتل واحد اسمه أحمد موسى. ذكرت مصادر فلسطينية لاحقًا أنَّ أحمد موسى قد قتلته وحدة من الجيش اللبناني في طريق عودته بعد تنفيذ العملية.
وجاء في بيان المقاومة:
"اتكالاً منّا على الله، وإيماناً منا بحق شعبنا في الكفاح لاسترداد وطنه المغتصب، وإيماناً منا بواجب الجهاد المقدس.. فقد تحركت أجنحة من القوات الضاربة في ليلة الجمعة 31/ 12/ 1964م، وقامت بتنفيذ العمليات المطلوبة منها كاملة ضمن الأرض المحتلة، وعادت جميعها إلى معسكراتها سالمة… وإننا لنحذر العدو من القيام بأية إجراءات ضد المدنيين الآمنين العرب أينما كانوا، لأن قواتنا ستردّ على الاعتداءات".
خطة المقاومة في عملية عيلبون
المقاومة الفلسطينية وضعت خطةً دقيقةً بكل تفاصيل المنطقة المحيطة بالهدف من بداية سير نفق المياه في الشمال الغربي لبحيرة طبريا، كما بيّنت الرسوم المرفقة مع التقرير أماكن وجود معسكرات الاحتلال، وبرنامج عمل دوريات الحراسة وتوقيتها الزمني، وقبل نهاية عام 1964م كان قد تم اختيار أربعة مقاتلين أشداء من ذوي الاختصاص لتنفيذ المهمة، وقد تم تأمين الدليل المتمكن من معرفته لطبيعة الأرض المحتلة في المنطقة ما بين طبريا ومدينة صفد، حتى الحدود مع شمال الضفة الغربية.
وبدأ تنفيذ الخطة بوصول المقاتلين إلى خربة ناصر الدين في قضاء طبريا بالزي المدني، وكان بانتظارهم العنصر الخامس، وهو الدليل الذي كان متخفياً على شكل راعٍ مع بعض من أغنامه، حيث توجهوا إلى نقطة كانوا يضعون بها ألبسة خاصةً بالعملية وحقيبة متفجرات وأسلحة، وهي عبارة عن بندقيتين سينوبال ورشاشين كارول وحقيبة قنابل يدوية ومجموعة مخازن ذخيرة.
وتحركت المجموعة عبر الوادي المؤدي إلى عين رافيد، وتحت ثيابهم البدوية أخفوا الأسلحة والمتفجرات، ومن بين شجيرات الوادي الكثيفة وصلوا إلى موقع العين ونصبوا كمينهم الأول، تحضيراً للانتقال إلى الموقع، ومع حلول الظلام تم توزيع المهام فيما بينهم، وأرسلوا أحد العناصر للاستطلاع ومراقبة الحراسة القائمة على موقع الهدف، وباشروا بتحضير المتفجرات والتأكد من سلامتها ومراجعة خطة التنفيذ بانتظار انقضاء منتصف الليل، لحين عودة الراصد الذي أكد لهم أن الخطة المرسومة تسير على ما يرام، وحدد لهم مواقع الحراسة القابعة في أماكنها، لأن الليل كان بارداً جداً، وأصبح الهدوء يسود المنطقة بعد نهاية الاحتفالات بقدوم العام الجديد.
وقبل أذان الفجر كان مهندس المجموعة أحمد موسى الدلكي قد أتم زرع المتفجرات عند جدار النفق وبين المضخات وتوربينات الطاقة الكهربائية، وقد حدد توقيت التفجير لينطلق بعد 45 دقيقة، لكي تتمكن المجموعة من الانسحاب إلى المرتفعات شمال منطقة الهدف لمراقبة نجاح التفجيرات.
وبعد 10 دقائق دوّى صوت الانفجارات عالياً، وشاهدوا أنوار النيران المشتعلة بالمحطة، ويبدو أن الحراس قد أصابهم الفزع لمدة 20 دقيقة حينما بدأ صوت منبهات الإنذار يعلو.
فيما تمكنت المجموعة من التسلل عبر الوديان وخلف المرتفعات من شمال دير حنا، وأتموا مسيرهم حتى وادي عرابة، ومن خلف جبل البطوف تفرقوا للوصول بأمان، مستغلين قلة حركة السير على الطرقات، باعتباره اليوم الأول من السنـة الجديـدة.
ردود الأفعال على عملية عيلبون
وردًا على العملية قالت رئيسة الوزراء الإسرائيلية في حينه "غولدا مائير": بعد العملية هبت علينا عاصفة من الشمال، فيما رد عليها قائد منظمة التحرير الفلسطينية "ياسر عرفات" هاذه رياح العاصفة الفتحاوية ستحرق الأخضر و اليابس.
وقال رئيس الجمهورية المصرية "جمال عبد الناصر": (فتح) خلقت لتنتصر ووصف الثورة الفلسطينية بأنها أطهر ظاهرة عرفها التاريخ.
شاركنا برأيك